للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويحرم حال الجلوس كما يأتي أيضاً.

(و) جاز التخطي (بعدها) أي الخطبة (وقبل الصلاة مطلقاً) أي لفرجة أو غيرها، (كمشي بين الصفوف) يجوز مطلقاً ولو حال الخطبة.

(و) جاز (كلام بعدها) أي الخطبة (للصلاة): أي للأخذ في إقامتها إذ الكلام حال الإقامة مكروه، ويحرم بعد إحرام الإمام في الجمعة وغيرها، لكن الذي نص عليه ابن رشد أنه مكروه، ونص غيره على جوازه حال الإقامة.

(و) جاز (ذكر) كتسبيح وتهليل (قل سراً) حال الخطبة ومنع الكثير جهراً لأنه يؤدي إلى ترك واجب وهو الاستماع، والظاهر أن الجهر باليسير مكروه. ومن البدع المحرمة ما يقع بدكة المبلغين بالقطر المصري من الصريخ على صورة الغناء والترنم، ولا ينكر عليهم أحد من أهل العلم. ومن البدع المذمومة أن يقول الخطيب الجهول في آخر الخطبة الأولى: ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة، ثم يجلس فتسمع من الجالسين ضجة عظيمة يستمرون فيها حتى يكاد الإمام أن يختم الثانية، وعلى دكة التبليغ جماعة يرفعون أصواتهم جداً بقولهم آمين آمين يا مجيب السائلين إلى آخر كلام طويل، وهكذا، فإنا لله وإنا إليه راجعون.

(و) جاز (نهي خطيب) حال الخطبة (أو أمره) إنساناً بالغاً [١] أو وقع منه ما لا يليق كأن يقول: أنصت أو لا تتكلم، أو لا تتخط أعناق الناس ونحو ذلك.

(و) جاز للمأمور (إجابته) فيما يجوز إظهاراً لعذره، كأنا فعلت كذا خوفاً على نفس أو مال أو نحو ذلك، ولا يكون كل من الخطيب والمجيب لاغياً.

ثم شرع في ذكر المكروهات فقال:

(وكره تخط قبل الجلوس): أي جلوس الخطيب على المنبر (لغير فرجة) لأنه يؤذي الجالسين.

(و) كره (ترك طهر) بأن يخطب وهو محدث (فيهما) أي الخطبتين فليس من شرطهما الطهارة على المشهور.

(و) كره ترك (العمل يومها): أي الجمعة لأجله لما فيه من التشبه باليهود والنصارى في السبت والأحد.

(و) كره (تنفل عند الأذان) الأول لا قبله (لجالس) في المسجد، لا داخل (يقتدى به) من عالم أو سلطان أو إمام لا لغيرهم؛ خوف اعتقاد العامة وجوبه. ويكره التنفل بعد صلاتها أيضاً

ــ

بالظهر عازماً على عدم الجمعة أم لا، فإن لم يكن وقت إحرامه بالظهر مدركاً لركعة من الجمعة لو سعى إليها أجزأته ظهره. ومقابل الأصح ما في التوضيح عن ابن نافع: أن غير المعذور إذا صلى الظهر مدركاً لركعة فإنها تجزئه، قال: إذ كيف يعيدها أربعاً وقد صلى أربعاً؟ لأنه قد أتى بالأصل وهو الظهر. وذكر ابن عرفة أن المازري بنى هذا الفرع على الخلاف في الجمعة هل هي فرض يومها أو بدل عن الظهر. اهـ. من حاشية الأصل.

تنبيه: تكره صلاة الظهر جماعة يوم الجمعة لغير أرباب الأعذار الكثيرة الوقوع، وأما عن أرباب الأعذار الكثيرة الوقوع فالأولى لهم الجمع، ويندب صبرهم إلى فراغ صلاة الجمعة، وإخفاء جماعتهم لئلا يتهموا بالرغبة عن الجمعة. واحترزنا بكثرة الوقوع عن نادرة الوقوع كخوف بيعة الأمير الظالم فإنه يكره للخائف الجمع، وإذا جمعوا لم يعيدوا على الأظهر خلافاً لمن قال بإعادتهم إذا جمعوا. وقد وقعت هذه المسألة بالإسكندرية فتخلف ابن وهب وابن القاسم عن الجمعة فلم يجمع ابن القاسم، ورأى أن ذلك نادر وجمع ابن وهب بالقوم وقاسها على المسافر، ثم قدما على مالك فسألاه؟ فقال: لا تجمعوا ولا يجمع إلا أهل السجن والمرض والمسافر.

قوله: [ويحرم حال الجلوس]: أي ولو لفرجة.

قوله: [وجاز التخطي] إلخ: أي لأنه ليس من مقدمات الخطبة بخلاف الجلوس قبلها فإنه تأهل لها.

قوله: [ونص غيره] إلخ: وهو (بن) تبعاً للمواق والحطاب.

قوله: [وجاز ذكر]: أي بمرجوحية خلافاً لقول (عب) إنه مندوب، فالأولى الإنصات على كل حال.

قوله: [والظاهر أن الجهر] إلخ: أي فتحصل أن الأقسام أربعة: مندوب وهو الذكر سراً عند السبب، وخلاف الأولى وهو الذكر القليل سراً من غير سبب، ومكروه وهو الذكر القليل جهراً، وحرام وهو كثرة الذكر جهراً كالواقع بدكة المبلغين.

قوله: [على صورة الغناء]: بالمد مع كسر الغين: وهو تطريب الصوت.

قوله: [أن يقول الخطيب الجهول]: صيغة مبالغة لأن جهله مركب لزعمه أنه يأمر بالمعروف وهو يأمر بالمنكر؛ لأن أصل قراءة الحديث لم يكن مأموراً بها في الخطبة أصلاً فهو من البدع كما تقدم، والإنصات ولو بين الخطبتين واجب، ورفع الأصوات الكثيرة ولو بالذكر حرام، فهذا الخطيب ضل في نفسه وأضل غيره.

قوله: [فإنا لله وإنا إليه راجعون]: إنما استرجع لكونها من أعظم المصائب حيث جعلوا شعيرة الإسلام ملحقة بالملاهي بحضور كبار العلماء والخلق مجمعون على ذلك ولم يوجد لها مغير.

قوله: [فليس من شروطهما الطهارة] إلخ: أي ولكن يحرم عليه في الكبرى من حيث المكث بالجنابة في المسجد. ابن يونس عن سحنون: إن ذكر في الخطبة أنه جنب نزل للغسل وانتظروه إن قرب وبنى - أي على ما قرأه من الخطبة. قال غيره فإن لم يفعل وتمادى في الخطبة واستخلف في الصلاة أجزأه.

قوله: [في السبت والأحد لف ونشر مرتب]: وهذا حيث تركه تعظيماً كما يفعله أهل الكتاب لسبتهم وأحدهم. وأما تركه لاستراحة فمباح، وتركه لاشتغاله بأمر الجمعة من تنظيف ونحوه فحسن يثاب عليه، ولذلك يكره اشتغاله يوم الجمعة بأمر يشغله عن وظائف الجمعة.

قوله: [عند الأذان الأول]: أي وأما عند


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] في ط المعارف: (لغى)، ولعلها الصواب.

<<  <  ج: ص:  >  >>