للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(فمن الأكثر) يؤخذان.

(و) إن وجب في الصنفين (ثلاث) وتساويا: كمائة وواحدة ضأناً ومثلها معزاً، (فمنهما) أي: فمن كل صنف يأخذ واحدة (وخير في الثالثة) في أخذها من أيهما شاء (إن تساويا وإلا) يتساويا (فكذلك): أي فالحكم كالحكم السابق في الاثنتين، فإن كان الأقل نصاباً غير وقص أخذت منه واحدة، وأخذ الباقي من الأكثر، وإلا أخذ الجميع من الأكثر.

(ومن أبدل) ما فيه الزكاة أو بعضه، (أو ذبح ماشيته فراراً) من الزكاة -ويعلم فراره بإقراره أو بقرائن الأحوال -وسواء أبدلها بنوعها؛ كأن يبدل خمسة من الإبل بأربعة- أو بغير نوعها؛ كأن يبدل الإبل بغنم أو عكسه؛ أو بعروض، أو بعين -بأن يبيعها بدنانير أو دراهم- (أخذت) الزكاة (منه) إذا كان الإبدال بعد تمام الحول، بل (ولو) كان (قبل الحول إن قرب) الحول -كقرب الخليطين لا إن بعد، لما تقرر عندنا أن الحيل لا تفيد في العبادات ولا في المعاملات كما يأتي إن شاء الله تعالى في بيوع الآجال، ولا يكون فاراً إلا إذا كان مالكاً للنصاب.

ومن الحيل الباطلة أن يهب ماله أو بعضه لولده أو لعبده قرب الحول ليأتي عليه الحول ولا زكاة عليه، ثم يعتصره أو ينتزعه منه ليكون -في زعمه- ابتداء ملكه، وقد يقع للزوج مع زوجته ثم يقول لها: ردي إلي ما وهبته لك؛ بقصد إسقاط الزكاة عنه، فتؤخذ منه، ويجب عليه إخراجها، فلا مفهوم للإبدال ولا للماشية.

(وبنى) المزكي على الحول الأصلي (في) ماشية (راجعة) إليه بعد بيعها (بعيب أو فلس) لمشتريها منه (أو فساد) لبيع فيزكيها لحولها، وكأنها لم تخرج عن ملكه (لا) إن رجعت إليه بسبب (إقالة) لأن الإقالة ابتداء بيع.

ثم انتقل يتكلم على حكم خلط المواشي من مالكين فأكثر فقال:

(وخلطاء الماشية)

ــ

قوله: [فمن الأكثر يؤخذان]: هذا هو مذهب ابن القاسم ومقابله ما لسحنون من أن الحكم للأكثر مطلقاً. ولو كان الأقل نصاباً وغير وقص.

قوله: [وإلا أخذ الجميع من الأكثر]: وما قيل في هذه الثالثة يقال في الرابعة؛ كما إذا وجب أربع من الغنم إذا كان أربعمائة منها ثلثمائة ضأناً ومائة بعضها ضأن وبعضها معز: أخرج ثلاثة من الضأن، واعتبرت الرابعة على حدة، ففي التساوي خير الساعي. وإلا فمن الأكثر ومن ذلك قول خليل: "وفي أربعين جاموساً وعشرين بقرة منهما"؛ وذلك لأن في الثلاثين من الجاموس تبيعاً تبقى عشرة فتضم للعشر من البقر فيخرج التبيع الثاني منها لأنها الأكثر. ولا يخالف هذا ما مر من أنه يؤخذ من الأقل بشرطين كونه نصاباً وغير وقص، لأن ذاك حيث لم تقرر النصب. وما هنا بعد تقررها وهي إذا تقررت نظر لكل ما يجب فيه شيء واحد بانفراده فيؤخذ من الأكثر والأخير كما مر في المائة الرابعة من الغنم. والمراد بتقرر النصب: أن يستقر النصاب في عدد مضبوط. كذا يؤخذ من الأصل.

قوله: [ومن أبدل ما فيه الزكاة] إلخ: حاصله أن من كان عنده نصاب من الماشية سواء كان للتجارة أو للقنية -ثم أبدله بعد الحول أو قبله بقرب كشهر بماشية أخرى من نوعها أو من غير نوعها، كانت الأخرى نصاباً أو أقل من نصاب، أو أبدلها بعرض أو نقد فراراً من الزكاة - ويعلم ذلك من إقراره أو من قرائن الأحوال - فإن ذلك الإبدال لا يسقط عنه زكاة المبدلة بل يؤخذ بزكاتها، معاملة بنقيض قصده، ولا يؤخذ بزكاة البدل وإن كانت زكاته أكثر، لأن البدل لم تجب فيه زكاة لعدم مرور الحول عليه.

قوله: [كقرب الخليطين]: اعترض بأنه لم يذكر فيما سيأتي قرب الخليطين ففيه إحالة على مجهول. وأجيب بأنه اتكل على شهرته في المذهب، وقد صرح في الأصل به في شرح الشرط الخامس لخلطاء الماشية بقوله: ما لم يقرب جداً كشهر اهـ. فعلم أن قرب الخليطين الشهر، ورد بالمبالغة قول ابن الكاتب: أنه لا يؤخذ بزكاتها إلا إذا كان الإبدال بعد مرور الحول وقبل مجيء الساعي، وأما إذا وقع الإبدال قبل مرور الحول ولو بقرب فلا يكون هارباً.

قوله: [لا إن بعد]: أي لا إن كان الإبدال قبل الحول بأكثر من شهر فإنه لا تؤخذ بزكاتها، ولو قامت القرائن على هروبه. هذا ظاهره؛ وهو الصواب خلافاً لما في (عب) كذا قرر شيخ المشايخ العدوي.

قوله: [لما تقرر]: علة لأخذه بالمبادلة كأنه قال: إنما أخذ بها ولو كان قبل الحول إن قرب الحول للتهمة لما تقرر إلخ.

قوله: [ولا يكون فاراً] إلخ: علم هذا من قوله: "ومن أبدل ما فيه الزكاة".

قوله: [وبنى المزكي] إلخ: أي سواء باعها بعين أو بنوعها أو بمخالفها. وحاصله: أن من باع ماشية بعد أن مكثت عنده نصف عام مثلاً - سواء باعها بعرض أو عين أو بنوعها أو بمخالفها - كان فاراً من الزكاة أم لا - فمكثت عند المشتري مدة ثم ردت على بائعها بعيب أو فلس للمشتري أو فساد البيع - فإنه يبني على حولها عنده ولا يلغي الأيام التي مكثتها عند المشتري، فإذا ملكها في رمضان وباعها في المحرم ورجعت له في شعبان وجب عليه زكاتها في رمضان وحمل زكاتها في رجوعها بالبيع الفاسد ما لم تفت عند المشتري بمفوتات البيع الفاسد وإلا فيستقبل بها.

قوله: [لا إن رجعت إليه] إلخ: أي فيستقبل [١] ولا يبني ومثلها الراجعة بهبة أو صدقة.

قوله: [على حكم خلط المواشي]: أي وأما


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] في ط المعارف: (يستقبل).

<<  <  ج: ص:  >  >>