للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(ومجيء الساعي إن كان) ثم ساع (شرط وجوب) في الزكاة فلا تجب قبل مجيئه كما تقدم صدر الباب. وإنما أعاده هنا ليرتب فوائده عليه. وإذا كان شرط وجوب (فلا تجزئ إن أخرجها قبله): أي قبل مجيئه؛ لأنه فعل ما لم يجب عليه كالصلاة قبل دخول وقتها فيكون المجيء شرط صحة أيضاً، وإنما لم تجز -مع أن تقديم زكاة العين على الحول بكشهر يجزئ- لأن التقديم في زكاة العين رخصة لاحتياج الفقراء إليها دائماً مع عدم المانع، وليس الأمر هنا كذلك لأن الإخراج قبل مجيء الساعي فيه إبطال لأمر الإمام الذي عينه لجبي الزكاة على نهج الشريعة: ومحل عدم الإجزاء (ما لم يتخلف) الساعي عن المجيء لأمر من الأمور فإن تخلف أجزأت، فإن لم يكن ساع فالوجوب بمرور الحول.

(ويستقبل الوارث) إن مات ربها قبل مجيء الساعي ولو بعد تمام الحول؛ لأنه ملكها قبل الوجوب على المورِّث ما لم يكن عنده نصاب؛ وإلا ضم ما ورثه له وزكى الجميع كما تقدم أول الباب.

(ولا تبدأ) الوصية بالزكاة على ما يخرج قبل الوصايا من الثلث؛ كفك الأسير وصداق المريض، (إن أوصى) رب الماشية قبل مجيء الساعي (بها) أي بالزكاة ومات قبل مجيئه، بل تكون في مرتبة الوصايا بالمال يقدم عليها فك الأسير وما معه كما يأتي إن شاء الله تعالى.

ولا تجب الزكاة فيما ذبحه أو باعه قبل مجيئه إذا لم يقصد الفرار (وتجب فيما ذبحه أو باعه بعده): أي بعد مجيء الساعي

ــ

تنبيه:

يتراجعان بالقيمة لو أخذ الساعي من نصاب لهما متأولاً؛ كلكل عشرون من الغنم لا يملك غيرها أو لأحدهما نصاب وزاد للخلطة، كما لو كان لواحد مائة وللثاني أحد وعشرون لا يملك غيرها وأخذ الساعي شاتين. وأما لو كان عند الشريكين أقل من نصاب وأخذ الساعي من أحدهما فمصيبة على صاحبها كالغصب.

مسألة: قال في المجموع خليط الخليط خليط؛ فذو خمسة عشر بعيراً خالط ببعضها صاحب خمسة، وببعضها صاحب عشرة: على الكل بنت مخاض اهـ.

قوله: [ومجيء الساعي]: أي وصوله لأرباب المواشي.

وقوله: [شرط وجوب]: أي وجوب موسع كدخول وقت الصلاة؛ فإنه شرط في وجوبها وجوباً موسعاً لأنه قد يطرأ مسقط كحيض ونفاس وإغماء وجنون. وكذلك هنا قد يطرأ مسقط بعد المجيء والعد، بحصول موت فيها مثلاً؛ فإن العبرة بما بقي بعده. فإذا مات من المواشي أو ضاع منها شيء بغير تفريط بعد الحول وبعد بلوغه وقبل أخذه - ولو عدها - لا يحسب على ربها، كمسقطات الصلاة بعد الدخول وقتها. وليس العد والأخذ هما الشرط في الوجوب - خلافاً لما توهمه الشيخ سالم السنهوري - إذ لو توقف الوجوب على العد والأخذ لاستقبل الوارث إذا مات مورثه بعد مجيئه وقبل عده وأخذه، وليس كذلك. وأيضاً الوجوب هو المقتضي للعد والأخذ وهو سابق عليهما، ولأنه لو جعل الأخذ شرطاً في الوجوب للزم أنها لا تجب إلا بعد الأخذ، فيكون الأخذ واقعاً قبل الوجوب. وأما الزيادة والنقص فمبحث آخر يأتي.

تنبيه: يندب لجابي الزكاة أن يكون خروجه في أول الصيف لاجتماع المواشي إذ ذاك على المياه وذلك أيام طلوع الثريا بالفجر. واختلف في تولية الإمام لذلك الجابي؛ فقيل بوجوبه. وقيل بعدم وجوبه. وعلى كل إذا ولاه وجب خروجه فلا يلزم رب الماشية سوق صدقته إليه، بل هو يأتيها ويخرج الساعي لها كل عام ولو في جدب، لأن الضيق على الفقراء أشد فيحصل لهم ما يستغنون به، خلافاً لأشهب القائل إنه لا يخرج سنة الجدب، وعليه فهل تسقط الزكاة عن أربابها في ذلك العام؟ أو لا تسقط ويحاسب بها أربابها في العام الثاني؟ قولان. وعلى المعتمد من خروجه عام الجدب فيقبل من أرباب المواشي ولو العجفاء.

قوله [مع أن تقديم زكاة العين] إلخ: أي ومثلها الماشية التي لا ساعي لها كما يأتي في قوله كتقديمها بشهر في عين وماشية.

قوله: [وليس الأمر هنا كذلك]: ولا يقال إن زكاة الحرث كالعين فمقتضاه أنها تجزئ قبل الحول بكشهر؛ لأنا نقول إن الإجزاء في العين رخصة فيقتصر فيها على ما ورد.

قوله: [على نهج الشريعة]: مفهومه لو كان جائزاً في صرفها أنه لا يكون مجيئه شرطاً وهو كذلك، ولذلك لا يجوز إعطاؤها له، فإن أكره الناس عليه أجزأت.

قوله: [فإن تخلف أجزأت]: قال الخرشي: إذا كان السعاة موجودين وشأنهم الخروج فتخلفوا في بعض الأعوام لشغل، فأخرج رجل زكاة ماشيته أجزأت. وحملنا كلام المؤلف على ما إذا تخلف لعذر لأنه محل الخلاف على ما قاله الرجراجي، وأما إن تخلف لا لعذر فإنهم يخرجون زكاتهم ولا خلاف في هذا الوجه. اهـ.

قوله [بمرور الحول]: أي اتفاقاً. وكذا إن كان ولم يمكن بلوغه، فلو أمكن بلوغه ولم يبلغ فإن الزكاة لا تجب بمرور الحول.

قوله: [كما تقدم أول الباب]: أي في قوله: "وضمت الفائدة منها وإن بشراء له".

قوله: [ولا تبدأ] إلخ: أشار بهذا لقول مالك في المدونة: من له ماشية تجب فيها الزكاة فمات بعد حولها وقبل مجيء الساعي. وأوصى بزكاتها فهي من الثلث غير مبتدأة وعلى الورثة أن يصرفوها للمساكين التي تحل

<<  <  ج: ص:  >  >>