قال صاحب " التحرير والتنوير " (٢/ ٣٠٠): " (الْ) فِي {النَّاسُ}: لِلِاسْتِغْرَاقِ لَا مَحَالَةَ وَهُوَ هُنَا لِلْعُمُومِ أَيِ: الْبَشَرِ كُلِّهِمْ، وَلَكِنَّهُ عُمُومٌ (عُرْفِيٌّ) مَبْنِيٌّ عَلَى مُرَاعَاةِ الْغَالِبِ الْأَغْلَبِ، وَعَدَمِ الِاعْتِدَادِ بِالنَّادِرِ؛ لِظُهُورِ أَنَّهُ لَا يَخْلُو زَمَنٌ غَلَبَ فِيهِ الْخَيْرُ عَنْ أَنْ يَكُونَ بَعْضُ النَّاسِ فِيهِ شِرِّيرًا مِثْلَ: عَصْرِ النُّبُوَّةِ، وَلَا يَخْلُو زَمَنٌ غَلَبَ فِيهِ الشَّرُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ بَعْضُ النَّاسِ فِيهِ خَيِّرًا مِثْلَ: زمن نُوحٍ {وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ} [هود: ٤٠]."(٢) شيث: هو من أبناء آدم، وكان نبياً، وَكَانَتْ وِلَادَته بَعْدَ مُضِيِّ مِائَةٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً لِآدَمَ، وَبَعْدَ قَتْلِ هَابِيلَ بِخَمْسِ سِنِينَ، وَتَفْسِيرُ شِيثٍ: هِبَةُ اللَّهِ، وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ خَلَفٌ مِنْ هَابِيلَ، وَلَمَّا حَضَرَتْ آدَمَ الْوَفَاةُ عَهِدَ إِلَى شِيثٍ وَعَلَّمَهُ سَاعَاتِ اللَّيْلِ، وَالنَّهَارِ، وَعِبَادَةَ الْخَلْوَةِ فِي كُلِّ سَاعَةٍ مِنْهَا وَأَعْلَمَهُ بِالطُّوفَانِ، وَصَارَتِ الرِّيَاسَةُ بَعْدَ آدَمَ إِلَيْهِ، وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ خَمْسِينَ صَحِيفَةً، ويقال: إن إِلَيْهِ أَنْسَابُ بَنِي آدَمَ كُلِّهِمُ الْيَوْمَ، والله أعلم. ينظر: تاريخ الرسل والملوك (١/ ١٥٢)، البداية والنهاية (١/ ١٠٩) [لأبي الفداء إسماعيل بن كثير ت: ٧٧٤ هـ، تحقيق: علي شيري، دار إحياء التراث العربي، ط: الأولى ١٤٠٨، هـ - ١٩٨٨ م]، موجز التاريخ الإسلامي منذ عهد آدم عليه السلام (١/ ١٣).(٣) مخطوط حاشية السيالكوتي على البيضاوي لوحة (٣٤٢ / أ).(٤) أخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره (٤/ ٢٧٥)، برقم: ٤٠٤٨، وَرَوَاه الْحَاكِمُ فِي مُسْتَدْرَكِهِ، (٢/ ٥٩٦) برقم: ٤٠٠٩، ثُمَّ قَالَ: هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ، وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (١/ ٥٨٢) للْبَزَّار وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم، ولم أجده في تفسير ابن أبي حاتم المطبوع في تفسير هذه الآية، والله أعلم.وذكره الإمام ابن كثير في تفسيره (١/ ٥٦٩)، ثم ذكر الرواية الثانية عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: " {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً} يَقُولُ: كَانُوا كُفَّارًا "، ثم قال الإمام ابن كثير: " وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَصَحُّ سَنَدًا وَمَعْنًى؛ لِأَنَّ النَّاسَ كَانُوا عَلَى مِلَّةِ آدَمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - حَتَّى عَبَدُوا الْأَصْنَامَ، فَبَعَثَ اللَّهُ إِلَيْهِمْ نُوحًا - عَلَيْهِ السَّلَامُ-، فَكَانَ أَوَّلَ رَسُولٍ بَعَثَهُ اللَّهُ إِلَى أَهْلِ الْأَرْضِ."(٥) تفسير الكشاف (١/ ٢٥٦).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute