{أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [يونس: ٦٢] أنَّ الَّذين آمَنوا وكانوا يَتَّقونَ والَّذينَ يُنَجِّيهُمُ اللهُ هم أولياءُ اللهِ؛ لأنَّ قولَهُ: {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (٦٢) الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ} يُطابقُ تمامًا هذِهِ الآيَةَ حتَّى في اللَّفظِ هُناكَ {الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ} وهذه {الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ}.
الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: جَوازُ حَذْفِ ما يُعلمُ، يُؤخَذُ مِن قولِهِ: {وَكَانُوا يَتَّقُونَ} والمَحذوفُ مَفعولٌ {يَتَّقُونَ}؛ أي: وكانوا يَتَّقون اللهَ، وإن شِئتَ فقُلْ: وكانوا يَتَّقونَ ما يَجِبُ اتِّقاؤُهُ؛ لأنَّ اللهَ تَعالَى أحيانًا يَقولُ: {وَاتَّقُوا اللَّهَ}، وأحيانًا يَقولُ: {وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ} [البقرة: ٤٨]، {وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ} [آل عمران: ١٣١] فإذا قُلنا: وكانوا يتَّقون ما أُمِروا باتِّقائِه صار ذلك أَعَمَّ، وقد أَمَرنا بتَقْوى اللهِ، وتَقْوى النَّار وتَقْوَى يَومِ القيامَةِ.
الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ: فَضيلَةُ الإيمانِ والتَّقوَى وأنَّه سَببٌ للنَّجاةِ؛ لقولِهِ: {وَنَجَّيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ} فإذا قال قائلٌ: ألَيْسَ اللهُ تعالَى يُنزِلُ عُقوبَةً أحيانًا في أَقْوامٍ فيهم المُتَّقي وفيهم غَيْرُ المُتَّقي؟
فالجَوابُ: أنَّ اللهَ تعالى يَأخُذُ المُتَّقيَ بذَنْبِ غير المُتَّقي في الدُّنيا، ففي الدُّنيا يُعذَّبون جَميعًا ويُبْعَثون في الآخِرَةِ على نِيَّاتهم وأعمالِهمْ، دَليلُ هذا قوُله تعالى: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً} [الأنفال: ٢٥] يعني: احْذَروا هذه الفِتْنَةَ، وهذا يَعني أَنَّنا نَأْمُرُ بالمَعروفِ ونَنْهى عن المُنْكَرِ لنتَّقِيَ بها {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ}.
* * *
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute