أحدُهُما عنِ الآخَرِ، فإنْ أُفرِدَ أحدُهما عنِ الآخَرِ تضمَّنَ الثَّاني، وإنْ ذُكِرَا جميعًا غُلِّبَ في الرَّحمَنِ جانِبِ الصِّفَةِ، وفي الرَّحيمِ جانِبُ الفِعْلِ.
واعلَمْ أنَّ هذَينِ الِاسمَينِ الكَريمَينِ يدلَّانِ على أنَّ اللهَ تعالَى مَوصوفٌ بالرَّحمةِ، كما قالَ تَعالى: {وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ} [الكهف: ٥٨] {وَرَبُّكَ الْغَنِيُّ ذُو الرَّحْمَةِ} [الأنعام: ١٣٣] , فالرَّحمةُ صِفتُهُ والرَّحيمُ اسمُهُ، وهل هذا الاسمُ ممَّا يتَعدَّى أو منَ المَصادِرِ اللَّازِمةِ؟
الجَوابُ: يَتعَدَّى؛ لقولِه تَعالى: {وَيَرْحَمُ مَنْ يَشَاءُ} [العنكبوت: ٢١] , والقاعِدةُ في العَقيدَةِ: أنه إذا كانَ الِاسمُ لازِمًا لا يَتعدَّى، فإنَّهُ يتَضمَّنُ أمرَيْنِ: إثْباتَ الِاسمِ، وإثْباتَ الصِّفَةِ، وإذا كانَ يَتعدَّى فإنَّه يَتضمَّنُ ثلاثةَ أشياءَ: إثْباتَ الِاسمِ، وإثْباتَ الصِّفَةِ، وإثْباتَ الفِعْلِ.
فكلِمةُ العَظيمِ اسمٌ منْ أسْماءِ اللهِ لازِمٌ؛ ولهذا يُقالُ: عَظُمَ؛ أي: صارَ عَظيمًا؛ والإيمانُ بهِ يَتَضمَّنُ الإيمانَ بالعَظيمِ، على أنه اسمٌ منْ أسْماءِ اللهِ، ويتَضمَّنُ أيضًا ثُبوتَ العظَمةِ للهِ عَزَّ وجلَّ.
وكلِمة الرَّحمنِ تَتضمَّنُ ثلاثةَ أشياءَ: تَتضمَّنُ "الرَّحمنَ"، اسمٌ من أسماءِ اللهِ، والثاني: الرَّحْمةُ؛ صِفةٌ مِن صِفاتِهِ، والثالثَ: الفِعلُ؛ أيْ: أنهُ يَرحمُ مَن يَشاءُ، وعلى هذا فَقِسْ.
فالإيْمانُ بالأسْماءِ: إنْ كانتْ مُتعدِّيةً لزِمَ أنْ تُؤمِنَ بالاسمِ والصِّفةِ والفِعلِ، وإنْ كانتْ لازِمةً وجَبَ أنْ تُؤمنَ بالِاسمِ والصِّفَةِ.
وقولُه: {كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ} كِتابٌ فِعالٌ بمعْنَى مَفعُولٍ؛ أي: مَكتوبٌ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute