وإن قيل: فكيف يُوجِّهون قولَهُ تعالى: {لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ}.
فالجَوابُ: يُمكنُ أن يُوجِّهوها بأن يُحَرِّفوها عن ظاهِرِها، يَقولون:{لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} يعني: أَخْبَرْناهم بذلك لعلَّهم يَرجِعون، لكنَّ هذا خِلافُ ظاهِرِ اللَّفظِ.
فإن قيل: إذا قُلنا إنَّ هذا عَذابُ الدُّنيا، كيف نُثْبِتُ أنَّ القُرآنَ أَثْبَتَ عَذابَ القَبرِ؟
فإن قيل:{وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى} البَعضُ يَستدِلُّ بهذه الآيَةِ على عَذابِ القَبرِ يَقولُ: إنَّ {الْعَذَابِ الْأَدْنَى} هو عَذابُ الدُّنيا، ولكن {مِنَ} في الآيَةِ للتَّبعيضِ، فهل تَبقَى لهم بَقِيَّةٌ من هذا العَذابِ يُعذَّبونَ بها في القَبرِ؟
فالجَوابُ: لا، {مِنَ} للبَيانِ، مِن بَيانِيَّةٌ، هذا هو الأقرَبُ، ويَجوزُ أن تَكونَ للتَّبعيضِ ولنُذيقَنَّهم بعضَ العَذابِ الأَدْنَى، ولا حاجَةَ له، فإِثباتُ عَذابِ القَبرِ - والحمدُ لله - جاء في آياتٍ صَريحَةٍ ما يَحتاجُ أن نَأتيَ إليه بآياتٍ تَحتَمِلُ هذا وهذا، وهي في غَيرِهِ أَرْجَحُ.