للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإن قيل: فكيف يُوجِّهون قولَهُ تعالى: {لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ}.

فالجَوابُ: يُمكنُ أن يُوجِّهوها بأن يُحَرِّفوها عن ظاهِرِها، يَقولون: {لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} يعني: أَخْبَرْناهم بذلك لعلَّهم يَرجِعون، لكنَّ هذا خِلافُ ظاهِرِ اللَّفظِ.

فإن قيل: إذا قُلنا إنَّ هذا عَذابُ الدُّنيا، كيف نُثْبِتُ أنَّ القُرآنَ أَثْبَتَ عَذابَ القَبرِ؟

فالجَوابُ: كَثيرٌ في القُرآنِ، قولُهُ تَعالى: {النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} [غافر: ٤٦] , وقولُهُ: {وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ} [الأنفال: ٥٠]، وقولُهُ: {وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ} [الأنعام: ٩٣].

فإن قيل: {وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى} البَعضُ يَستدِلُّ بهذه الآيَةِ على عَذابِ القَبرِ يَقولُ: إنَّ {الْعَذَابِ الْأَدْنَى} هو عَذابُ الدُّنيا، ولكن {مِنَ} في الآيَةِ للتَّبعيضِ، فهل تَبقَى لهم بَقِيَّةٌ من هذا العَذابِ يُعذَّبونَ بها في القَبرِ؟

فالجَوابُ: لا، {مِنَ} للبَيانِ، مِن بَيانِيَّةٌ، هذا هو الأقرَبُ، ويَجوزُ أن تَكونَ للتَّبعيضِ ولنُذيقَنَّهم بعضَ العَذابِ الأَدْنَى، ولا حاجَةَ له، فإِثباتُ عَذابِ القَبرِ - والحمدُ لله - جاء في آياتٍ صَريحَةٍ ما يَحتاجُ أن نَأتيَ إليه بآياتٍ تَحتَمِلُ هذا وهذا، وهي في غَيرِهِ أَرْجَحُ.

الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: إِثباتُ الجَزاءِ بالأَسْوَإِ، لقولِه: {أَسْوَأَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ}.

<<  <   >  >>