للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يَقولُ المُفسِّرُ رَحِمَهُ اللَّهُ: [{النَّارُ} عَطفُ بَيانٍ للجَزاءِ المُخبَر به عن ذلك: {لَهُمْ فِيهَا دَارُ الْخُلْدِ}] يعني: أنَّ كَلمةَ {النَّار} بَدَلُ عَطْفِ بَيانٍ لِلجَزاءِ المُخبَرِ به عن ذلك.

فأَفادَنا أنَّ (ذا) مُبتدأٌ، و {جَزَاءُ} خَبَرُ المُبتدإِ، و {النَّارُ} عَطفُ بَيانٍ له {ذَلِكَ جَزَاءُ أَعْدَاءِ اللَّهِ}، كأنَّ الكَلامَ على إعرابِ المفسِّر انتهى، ثُمَّ قال: {النَّارُ} عَطْفُ بَيانٍ لهذا الجَزاءِ، ويَحتَمِلُ أن تَكونَ {ذَلِكَ} مُبتدَأٌ و {جَزَاءُ أَعْدَاءِ اللَّهِ} عَطفُ بَيانٍ له, لكن ما مَشي عليه المفسِّر أَقربُ للقَواعِدِ.

يَقولُ المفسِّرُ رَحِمَهُ اللَّهُ: [{لَهُمْ فِيهَا دَارُ الْخُلْدِ} أي إِقامَةٍ لا انتقالَ منها]، {دَارُ الْخُلْدِ} أَضافَ الدَّار للخُلْدِ من بابِ إضافَةِ المَوصوفِ إلى صِفتِهِ يعني: دارَ الخُلودِ الَّتي ليسَ فيها انتِقالٌ، ويَجوزُ أن تَكونَ من بابِ إضافَةِ الشَّيءِ إلى نَوعِهِ؛ لأنَّ الدُّورَ تَنقَسِمُ إلى أَقسامٍ، دُورٌ هي دُورُ انتقالٍ ودُورٌ هي دارُ خُلدٍ، فيَدورُ الانتقالُ الأوَّلُ بَطنُ الأُمِّ والثَّاني الحَياةُ الدُّنيا والثَّالثُ البَرزخُ، ودارُ الخُلدِ هي الأخيرَةُ، ويُذكَرُ أنَّ أعرابيًّا سَمِعَ قارئًا يَقرأُ: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ (١) حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ} فقال: واللهِ ما الزَّائرُ بمُقيمٍ، وإنَّ هناك دارًا أُخْرى، وهذا لا شَكَّ أنَّه من قُوَّة الاستِنباطِ والفَهمِ.

يَقولُ المفسِّرُ رَحِمَهُ اللَّهُ: [{جَزَاءً} مَنصوبٌ على المَصدرِ بفِعلِهِ المُقدَّر]، والمَصدَرُ لا بُدَّ له مِن عاملٍ، والعامِلُ تارَّةً يَكونُ من لفظِ المَصدرِ، وتارَّةً يَكونُ من مَعناه، فإذا قلت: قُمتُ وقوفًا، فالعامِلُ مِن معناه، وإذا قلتَ: وقفتُ وقوفًا، فالعاملُ مِن لَفظِه المُقَدَّرِ، ويُقدَّرُ مِن لَفظِه، ولا يُقدَّرُ من مَعناه؛ لأنَّنا لا نَلجأُ إلى تَقديرِ المَعنى إلَّا إذا وُجِدَ أَمامَنا ما يَختَلِفُ في لَفظِه، وأمَّا إذا لم نَجِدْ فيُقَدَّر مِنَ اللَّفظِ، وعلى هذا فيَكونُ التَّقديرُ يُجْزَونَ جَزاءً.

قال اللهُ تعالى: {بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ} أي: بِكونِهم يَجحَدون، وعلى هذا فـ (ما)

<<  <   >  >>