فإن قال قائلٌ: مِن المَعلومِ أنَّ مَن كذَّب شيئًا مِن القُرآنِ فهو مُرتدٌّ؛ لأنَّ القُرآنَ ثَبتَ بالتَّواتُرِ، فهل مَن كذَّب بشيءٍ مِنَ السُّنَّةِ يكونُ كذلك؟
قُلنا: إذا صَحَّت السُّنَّةُ وقال القائلُ: أنا أَعلَمُ أنَّ هذا من كَلامِ الرَّسولِ لكنَّه ليس بصَحيحٍ، فهذا مُرتدٌّ؛ لأَنَّه أقرَّ بصِحَّةِ نِسبتِه إلى الرَّسولِ ثُمَّ كَذَّبه، أمَّا لو كَذَّبه بِناءً على استِبعادِ أن يَكونَ صَدَرَ مِن الرَّسولِ - صلى الله عليه وسلم - فهذا لا يُكفَّرُ؛ لأَنَّه متأوِّلٌ، لكنَّه يَجِبُ عليه أن يَنظُرَ مرَّةً بعد أخرى حتَّى يتبيَّنَ له الأمرُ.
إذن مَن كذَّب شيئًا مِن القُرآنِ فهو كافِرٌ بدونِ تَفصيلٍ لثُبوتِ القُرآنِ ثُبوتًا مُتواترًا لا تَواتُرَ مثلَه في أيِّ كتابٍ مِن الكُتبِ، ومَن كذَّب شيئًا مِن سُنَّةِ الرَّسولِ - صلى الله عليه وسلم - فهو كافِرٌ.
الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ: أنَّ آياتِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ بَيِّنةٌ ظاهرةٌ لا يُمكنُ أن يُكذِّبَ بها أحدٌ؛ لقَولِه:{بِآيَاتِنَا}، وتَخصيصُ المفسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ ذلك بالقُرآنِ فيه شَيءٌ من النَّظرِ، بل يُقالُ: إنَّه أعَمُّ.
الْفَائِدَةُ السَّابِعَةُ: إِثباتُ عَظمَةِ اللهِ حيثُ أَتى بضَميرِ الجَمعِ، ولم يَقُلْ: بآياتي، بل قال:{بِآيَاتِنَا}، ولا شكَّ أنَّ اللهَ تعالى له العَظَمةُ المُطلَقَةُ من كُلِّ وجهٍ.