{يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ}[الطلاق: ١] هذا عامٌّ دَلَّ الدَّليلُ عليه؛ لأنَّه قال:{يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ} ثُمَّ قال: {إِذَا طَلَّقْتُمُ}.
وغالِب ما يَأتي ألَّا يَكونَ فيه دَليلٌ لهذا ولا لهذا، فنَقولُ: إمَّا أنَّه مُوجَّهٌ للرَّسولِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وأُمَّتُه تَكونُ مُتأسِّيةً به في ذلك، وإمَّا أن نَقولَ: إنَّه خِطابٌ لكُلِّ مَن يَتأتَّى خِطابُه.
في هذه الآية:{أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ} الخِطابُ عامٌّ للرَّسولِ ولغَيرِه، إمَّا أنَّ غيرَه داخلٌ في ذلك في أصلِ المُخاطبَةِ وإمَّا بالتَّبعِ.
يَقولُ المُفسِّرُ رَحِمَهُ اللهُ: [{أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً}: يابِسةً] هامِدَةً ليس فيها نَباتٌ إطلاقًا، {فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ} يعني المَطَرَ [{اهْتَزَّتْ} تَحرَّكت {وَرَبَتْ} انتَفَخَت وعَلَت].
قال اللهُ تَعالى:{فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ} أي: ماءَ المَطَرِ {اهْتَزَّتْ} أي: اهتزَّ نَباتُها من فَوقِها، وليس المُرادُ أنَّ الأرضَ نَفسَها تَهتزُّ؛ لأنَّنا لا نَشعُرُ بذلك، وإن كنَّا نَجوزُ أن يَكونَ اهتِزازُها اهتِزازًا يَسيرًا، لكنَّ الَّذي يَظهرُ أنَّها اهتَزَّت بالنَّباتِ، {وَرَبَتْ} أي: عَلَت.
وهلِ المُرادُ ما أشارَ إليه المفسِّر انتِفاخُ الأرضِ عِندما تُريدُ الحَبَّةُ أن تَخرُجَ، فإنَّ الحَبَّةَ تَنتفِخُ في باطنِ الأرضِ، ثُمَّ إذا أَراد غُصنُها أن يَخرُجَ رَفَعَ الأرضَ، فهل هذا هو مَعنى رَبَتْ، أو المُرادُ عَلَت بالنَّباتِ؟