للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: أَنَّ الإنسانَ يُحبُّ الخيرَ دائمًا لِقولِه: {لَا يَسْأَمُ الْإِنْسَانُ مِنْ دُعَاءِ الْخَيْرِ}، وَهذا بِطَبيعةِ الإنسانِ أَنَّه يُحبُّ الخيرَ وَهو ما يُلائمُ نَفسَه ومُرادَه.

الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: أَنَّ الإنسانَ الَّذي لَيس عِندَه إِيمانٌ إِذا مَسَّه الشَّرُّ يَئِسَ وقَنَطَ مِن رَحمةِ اللهِ.

الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: ذَمُّ أَهلِ اليأسِ والقُنوطِ مِنْ رَحمةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ؛ لأنَّ اللهَ ساقَ هَذا مَساقَ الذَّمِّ.

الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ: أنَّه لا يَنبَغي لِلإنسانِ أَنْ يَغلِبَ جانبُ اليأسِ وَالقُنوطِ، كَما أَنَّه لا يَغلِبُ جانبُ الرَّحمةِ؛ لأنَّه إِنْ غَلَبَ جانبُ الرَّجاءِ وَالرَّحمةِ فإنَّه يَدخلُ فيمَنْ لا يَأمنُ مَكرَ اللهِ، وَإِن غَلَبَ جانبُ اليأسِ وَالقُنوطِ دَخَلَ في أَهلِ اليأسِ وَالقُنوطِ.

وهَلِ الَّذي يَنبَغي لِلْإنسانِ أَنْ يَغلبَه جانبُ الرَّجاءِ أوِ الخوفِ؟

اخْتلَفَ السَّالِكونَ إِلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ في هَذا فَمِنهم مَنْ قال: يَنْبَغي أَنْ يَغلبَ جانبُ الخوفِ لِيَحذرَ المَعاصيَ ويَتجنَّبَها؛ لأنَّه إِذا غَلَبَ جانبُ الخوفِ خافَ وحَذِرَ مِنَ المعاصي، ومِنهم مَنْ قال: يَغلِبُ جانبُ الرَّجاءِ؛ لأنَّ اللهَ تَعالي عِندَ حُسنِ ظَنِّ عَبدِه بِه، وَإِذا غَلَبَ الرَّجاءُ ابتعدَ عَنِ اليأسِ وَالقُنوطِ.

ومنهم مَنْ قال: إِنَّه لا يَنبَغي أَنْ يَغْلِبَ هَذا علي هذا، وَأنْ يَجعلَ خَوفَه وَرَجاءَه واحدًا، قالَ الإِمامُ أَحمدُ رَحِمَهُ اللهُ: يَنْبَغي أَنْ يَكونَ خَوفُه ورَجاؤُه واحدًا فَأيُّهُما غَلَبَ هَلَكَ صاحبُه (١).

وَقالَ بَعضُهمْ: إِنَّه يَنبَغي لِلإنسانِ أَنْ يَكونَ بَين الخوفِ والرَّجاءِ، كالطَّائرِ


(١) انظر: الاختيارات العلمية لابن تيمية [المطبوع مع الفتاوى الكبرى] (٥/ ٣٥٩).

<<  <   >  >>