للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إِلي نَفسِه لِقَولِه: {هَذَا لِي} أَوْ يُضيفُها إِلي اسْتحقاقِه إِيَّاها، فَكأنَّ اللهَ لا مِنَّةَ له عليه علي القولِ الثَّاني أنَّ مَعنَى قولِه: {هَذَا لِي} هذا مُستَحَقٌّ لي.

الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: بَيانُ عُتوِّ الكافرِ حَيثُ أَنكرَ ما قامتِ الأدلَّةُ الشَّرعيَّةُ والعقليَّةُ والحِسِّيَّةُ علي ثُبوتِه في قَولِه: {وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً}.

والأدلَّةُ الشَّرعيَّةُ علي ثُبوتِ قيامِ السَّاعةِ كَثيرةٌ لا تُحصى، والأدلَّةُ العقليَّةُ هو أَنَّه ليس مِنَ الحِكمةِ أَنْ يُوجِدَ اللهُ هَذِهِ الخَليقةَ ويَأمُرُها ويَنهاها، ويُسلِّطُ بَعضَهَا علي بَعضٍ بِالسَّيفِ، وَيُقاتلُ المُؤمنُ الكافرَ ثُمَّ تَكونُ النِّهايةُ لا شيءَ، هذا سَفَهٌ، وقَدْ أَشارَ اللهُ إِلي ذلك في قَولِه: {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ (١١٥)} [المؤمنون: ١١٥] أيُّ فائدةٍ لِخَلقٍ يُوجَدُ ويُؤمَرُ ويُنْهَي ويُسلَّطُ بَعضُهُ على بَعضٍ في القتلِ العَمدِ، ثُمَّ النِّهايةُ لا شيءَ! لا فائدةَ مِن هذا، وحِكمةُ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى تَأْبَي أَنْ يَقعَ مِثلُ ذَلكَ مِنَ اللهِ، هَذا دَليلٌ عَقليٌّ واضحٌ يُوجبُ أَنْ يُبعثَ النَّاسُ لِيُجازَوْا عَلى أَعْمالهِمْ.

أمَّا الدَّليلُ الحِسِّيُّ علي ثُبوتِ البَعثِ وإِمكانِه وجَوَازِه، فَاللهُ تَعالَى يُقرِّرُه في القُرآنِ: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً} يَعني: هامدةً لَيس فيها نَباتٌ: {فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ} أَي: ماءُ المَطرِ {اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ} فَصارت حَيَّةً بَعدَ أَنْ كانت مَيْتةً، قال اللهُ تَعالى: {إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِ الْمَوْتَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [فصلت: ٣٩]، فَإِحياءُ الأرْضِ مِنْ بَعدِ مَوتِها وَالنَّاسُ يُشاهدونَ دَليلٌ عَلي إِمكانِ إِحياءِ الموتي وبَعْثِهم، وهَذا دَليلٌ واضحٌ حسِّيٌّ مُشاهَدٌ، كَذلِكَ أيضًا أَشْهدَنا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ في الدُّنيا إِحياءَ المَوتي، فَلْنَسْتَعْرِضْ هَذا في القُرآنِ:

المَشهدُ الأوَّلُ: بَنُو إِسرائِيلَ قالوا: {لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً} [البقرة: ٥٥] فَأَخذَتْهمُ الصَّاعقةُ وَماتوا ثُمَّ بُعِثوا، هذا في الدُّنيا.

<<  <   >  >>