للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إذا نُزِّلَ غيْرُ العاقِلِ مَنزِلةَ العاقِلِ لِقَولِه: {طَائِعِينَ}، فإنَّ هَذا الجَمْعَ جمْعُ المُذكَّرِ السَّالِمِ لا يَصْدُرُ إلَّا مِنَ العاقِلِ وغيْرِه، يُقالُ: "طائِعاتٍ"، وما أشْبَهَ هَذا، لَكِنْ إذا نُزِّلَ غيْرُ العاقِلِ مَنزِلتَه بالخِطابِ صحَّ أنْ يُعامَلَ مُعامَلةَ العاقِلِ.

الْفَائِدَةُ السَّابِعَةُ: إثْباتُ الطَّواعِيةِ والكراهيَةِ لغيْرِ العاقِلِ؛ لقَولِه تَعالَى: {ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا}، فهَلْ هَذا يَعنِي أنَّ لغَيْرِ العاقِلِ إرادَةٌ؟ الجوابُ: نعَمْ؛ لأنَّ الطَّائِعَ لَه إرادَةٌ، ومَنْ يُتَصوَّرُ إكْراهُه فلَه إرادَةٌ أيْضًا، وإرادَةُ كلِّ شيْءٍ بحَسَبِه، وقَد ورَدَ أنَّ الحَصىَ تَسبِّحُ بيْنَ يدَيِ الرَّسُولِ عَلَيْهِ الْصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ولا تسْبِيحَ إلَّا بَعْدَ إرادَةِ، وثبُتَ عَنِ النَّبيِّ -صلَّى اللهُ علَيهِ وعلى آلِهِ وسلَّمَ - أَنَّه قالَ في أُحُدٍ: "يُحِبُّنا ونُحِبُّه" (١)، والمَحبَّةُ أخَصُّ مِنَ الإرِادَةِ؛ وعلَى هذا: فهَذه الجَماداتُ الَّتي نحْن لا نفْقَه تسْبِيحَها لها إرادَة، وتسَبِّحُ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ.

* * *


(١) أخرجه البخاري: كتاب الجهاد، باب فضل الخدمة في الغزو، رقم (٢٨٨٩)، ومسلم: كتاب الحج، باب أحد جبل يحبنا ونحبه، رقم (١٣٩٣)، من حديث أنس - رضي الله عنه -

<<  <   >  >>