للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَضَعَهَا لِلْأَنَامِ (١٠)} [الرحمن: ١٠]- كان خَلْقُها أَكثَرَ مُدَّةً؛ لبَيانِ عِنايَةِ اللهِ تَعالَى بِهَذه الأرْضِ الَّتي وضَعَها لِلأنامِ، وليعلَمَ الأنامُ الَّذِين على الأرْضِ أنَّ العِبرَةَ بالإِتْقانِ لا بِالسُّرْعةِ.

الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: أنَّ اللهَ أتمَّ خَلْقَ السَّمواتِ حِين أوْحَى في كلِّ سَماءٍ أمْرَها، ورتَّبَها التَّرتِيبَ المُحكَمَ المُتقَنَ.

الْفَائِدَةُ الثالِثَةُ: أنَّ اللهَ تَعالَى خَلَقَ هَذه النُّجومَ لثَلاثِ فوائدَ:

الفائِدةُ الأُولَى: زِينَةُ السَّماءِ.

والفائِدةُ الثَّانيَةِ: حِفْظُ السَّمواتِ مِنَ الشَّياطِينِ.

والفائِدةُ الثالِثة: ذَكَرَها اللهُ تَعالَى في سُورَةِ النَّحْلِ في قَولِه تَعالَى {وَعَلَامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ (١٦)} [النحل: ١٦]؛ ولهَذا قال قَتادةُ - وهُو مِن أئِمَّةِ التَّابِعِين رَحِمَهُمْ اللَّهُ: خَلَق الله هَذه النُجُومَ لِثَلاثٍ؛ زِينَةً لِلسَّماءِ، ورُجوما لِلشَّياطِينِ، وعَلاماتٍ يُهتَدى بِها (١).

الْفَائِدَةُ الرَّابعَةُ: كَمالُ إتْقانِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ لمِخْلُوقاتِه؛ لِقَولِه: {ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ}، وَهَذا التًّقْدِيرُ لا شكَّ أَنَّه تَقْدِير محُكَم مُتْقَن مِن جَمِيعِ الوُجُوهِ.

الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ: إثْباتُ اسمَيْن مِن أسْماءِ اللهِ وهُما "العَزِيزُ، العَلِيمُ"، وهَذان الاسْمَان يَتَضمَّنان صِفتَيْن، هُما العِزَّةُ والعِلْمُ.

وهَلْ في "العَزِيزِ" ما يُسمَّى بالحُكْمِ أوْ بِالأَثَرِ؟

الجَوابُ: نَعَم، بِناءً على أنَّ مِن مَعناه عِزَّةِ القَهْرِ، والقاهِرُ لا بُدَّ مِن شَيْءٍ مَقْهُورٍ


(١) أخرجه الطبري في تفسيره (١٤/ ١٩٣)، وابن أبي حاتم في تفسيره (٩/ ٢٩١٣)، وعبد بن حميد كما في فتح الباري (٦/ ٢٩٥)، وعلقه البخاري: كتاب بدء الخلق، باب في النجوم.

<<  <   >  >>