وبه نستعين، الحمد لله الذي جعل صحيفة عالم إلا مكان مرآة لمشاهدة الآثار الملكوتية، وصير نشأة نوع الإنسان مشكلة لمطالعة الأنوار اللاهوتية، والصلاة على أكمل نوع البرية وأفضل النفوس القدسية أبي القاسم محمد قاسم موائد المواهب الربانية، ومنبع رحيق الفيوض السبحانية وآله الوارثين لمقامات العلية المكرمين بكراماته الخفية والجلية.
وبعد فهذا يا إخوان الدين وخلان اليقين ما غفلت حوادث الزمان عن المنع من تأليفه وتحريره، وذهلت صوارف الدهر الخوان عن الصرف عن ترصيفه وتقريره من شرح واف بإظهار ما ألهمني الله سبحانه من حقايق كنوز الصحيفة الكاملة من كلام سيد العابدين وإمام الموحدين وقبلة أهل الحق على اليقين، مولانا وإمامنا زين العابدين أبي محمد علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
سلام من الرحمن نحو جنابهم ... فإن سلامي لا يليق ببابهم كشفت به حجاب الاحتجاب عن خبايا كنوزها، مع قلة البضاعة، ورفعت به أستار الاستتار عن خفايا رموزها بقدر الاستطاعة، مشيراً إلى ما يلوح من جواهر عباراتها ويفوح من زواهر إشاراتها مما هو منبع كلام أعلام الحقيقة والعرفان، ومعدن مقالة أهل الطريقة والإيقان، بل هو أقصى غايات أرباب المجاهدة وأعلى نهايات أصحاب المشاهدة مما لم يهتد إليه غلا واحد بعد واحد ولم يطلع عليه إلا وارد بعد وارد وأسئل الله سبحانه أن يعينني على إتمام ما أرجوه وأن يوفقني لإكماله على أحسن الوجوه وأن يجعلني ممن تزود في يومه لغده قبل أن يخرج الأمر من يده وهو حسبي ونعم الوكيل، اعلموا أيها الإخوان المقصود على إدراك الحقايق كدهم المعروف في اقتناص المعارف جدهم أني اسخرت الله سبحانه، ووشحت صدر هذا الشرح بعدة من الحقايق ينطوي كل منها على نبذة من الحقايق يفيد المقتبسين لأنوار الصحيفة الكاملة كمال البصيرة ويجعل أيدي الراغبين في اجتناء ثمارها غير قصيرة، وتزيل عن بصايرهم غشاوة الارتياب، ويغنيهم عن الغوص في هذا البحر العجاب، ويشير إلى يسير من بدايع صنايع الله