وأرتاح للواشين بيني وبينها ... لتعلم ما ألقى وما عندها جهل
وأصبوا إلى العذال حباً لذكرها ... كأنهم ما بيننا في الهوى رسل
فإن حدثوا عنها فكلي سامع ... وكلي إن حدثتهم ألسن تتلو
تخالفت الأقوال فينا تبايناً ... برجم ظنون في الهوى لها أصل
فشنع قوم بالوصال ولم نصل ... وأرجف بالسلوان قوم ولم أسلو
وما صدق التشنيع عني لشقوتي ... وقد كذبت عني الأراجيف والنقل
وكيف أرجي وصل من لو تصورت ... حماها المنى وهماً لضاق بها السبل
فإن وعدت لم يلحق القول فعلها ... وإن أوعدت فالقول يسبقه الفعل
عديني بوصل وامطلي بنجازه ... فعندي إذا صح الهوى حسن المطل
وحرمة عهد بيننا عنه لم أحل ... وعقد بأيدٍ بيننا ما له حل
لأنت على غيض النوى ورضا الهوى ... لدي وقلبي ساعة منك لا يخلو
ترى مقلتي يوماً يرى من أحبهم ... ويعتبني دهري ويجتمع الشمل
وما برحوا معنى أراهم معي وإن ... نأوا صورة في الذهن قام لهم شكل
فهم نصب عيني ظاهراً حيث ما سروا ... وهم في فؤادي باطناً أينما حلوا
لهم أبداً مني حنوا وإن جفوا ... ولي أبداً ميل إليهم وإن ملوا
[القول في إن الله واحد]
من كتاب أعلام الدين تأليف أبي محمد الحسن بن أبي الحسن الديلمي عن مقداد بن شريح البرهاني عن أبيه قال: قام رجل يوم الجمل إلى علي رضي الله عنه فقال: يا أمير المؤمنين أتقول إن الله واحد؟ فحمل الناس عليه وقالوا: يا أعرابي أما ترى ما فيه أمير المؤمنين رضي الله عنه من تقسيم القلب؟ فقال رضي الله عنه: دعوه فإن الذي يريده الأعرابي هو الذي نريده من القوم ثم قال: يا هذا إن القول في أن الله لواحد على أربعة أقسام: فوجهان منها لا يجوزان على الله تعالى، ووجهان ثابتان له، فأما الوجهان اللذان لا يجوزان عليه فقول القائل، وهو واحد يقصد به باب الأعداد فهذا ما لا يجوز لأن ما لا ثاني له لا يدخل في باب الأعداد أما ترى أنه كفر من قال إنه ثالث ثلاثة.
وقول القائل هو واحد يريد به النوع من الجنس، فهذا ما لا يجوز لأنه تشبيه جل ربنا عن ذلك؛ وأما الوجهان اللذان يثبتان له فقول القائل واحد يريد بن من ليس له في الأشياء شبيه ولا مثل كذلك الله ربنا.
وقول القائل إنه تعالى واحد، يريد أنه أحدي المعنى يعني أنه لا يتجسم لا ينقسم في وجود ولا عقل ولا وهم كذلك الله ربنا عز وجل.