نأيتم فغير الدمع لم أر وافياً ... سوى زفرة من حر نار الهوى تعلو
فسهدي حيٌّ في جفوني مخلد ... ونومي بها ميت ودمعي له غسل
هوى طل ما بين طلول دمي فمن ... جفوني جرى بالسفح من سفحه وبل
تباً له قومي إذ رأوني متيماً ... وقالوا بمن هذا الفتى مسه الخبل
وماذا عسى عني يقال سوى غدا ... بنعم له شغل نعم لي بها شغل وقال نساء الحي عني بذكر من ... جفانا وبعد العز لذله الذل
إذا أنعمت نعم علي بنظرة ... فلا أسعدت سعدي ولا أجملت جمل
وقد صدئت عيني برؤية غيرها ... ولثم جفوني تربها للصدا يجلو
حديثي قديم في هواها وماله ... كما علمت بعد ولي له قبل
ومالي مثل في غرامي بها كما ... غدت فتنة في حسنها ما لها مثل
حرام شفا سقمي لديها رضيت ما ... به قسمت لي في الهوى ودمي حل
فحالي وإن ساءت فقد حسنت بها ... وما حط قدري في هواها به أعلو
وعنوان ما فيها لقيت وما بها ... شقيت وفي قولي اختصرت ولم أغلو
خفيت ضني حتى لقد ضل عايدي ... وكيف ترى العواد من لا له ظل
وما عثرت عيني على أثري ولم ... تدع لي رسماً في الهوى الأعين النجل
ولي همة تعلو إذا ما ذكرتها ... وروح بذكراها إذا رخصت تغلو
فنافس ببذل النفس فيها أخا الهوى ... فإن قبلتها منك يا حبذا البذل
فمن لم يجد في حب نعم بنفسه ... وإن جاد بالدنيا إليه انتهى البخل
فلولا مراعاة الصيانة غيره ... وإن كثروا أهل الصبابة أو قلوا
لقلت لعشاق الملاحة أقبلوا ... إليها على رأيي وعن غيرها ولوا
وإن ذكرت يوماً فخروا لذكرها ... سجوداً وإن لاحت إلى وجهها صلوا
وفي حبها بعت السعادة بالشقا ... ضلالاً وعقلي عن هداي له عقل
وقلت لرشدي والتنسك والتقى ... تخلوا وما بيني وبين الهوى خلوا
وفرغت قلبي من وجودي مخلصاً ... لعلي في شغلي إليها بها أخلو
ومن أجلها أسعى لمن بيننا سعى ... وأعدو ولا أعدو لمن دأبه العذل