قال ابن الحزم في مراتب الإجماع: وأجمعوا على أن ليلة القدر حق: وهي في السنة ليلة احدة انتهى، ومنهم من قال هي في مجموع شهر رمضان، ومنه من قال في أفراد العشر الآخر، ومنهم من قال في السابع والعشرين وهو قول ابن عباس، لأن قوله: هي سابع وعشرون لفظة من السورة وليلة القدر تسعة أحرف، وهي مذكورة ثلاث مرات، فيكون سبعة وعشرين لفظة، ومنهم من قال في مجموع السنة: لا يخص بها رمضان ولا غيره روى ذلك ابن مسعود، قال: من يقم الحول يصيبها، ومنهم من قال: رفعت بعد النبي صلى الله عليه وسلم إن كان فضلها لنزول القرآن، فالذي قال إنها في مجموع رمضان اختلفوا في تيينها على ثمانية أقوال: قال ابن رزين هي الليلة الأولى، وقال الحسن البصري هي السابعة عشر وعن أنس أنها التاسعة عشر، وقال محمد بن إسحاق: هي الحادية والعشرون، وعن ابن عباس السابعة والعشرون. وعن أبي الثالثة والعشرون: وقال ابن مسعود الرابعة والعشرون وقال أبو ذر الغفاري هي الخامسة والعشرون.
ومن قال إنها لا تخص رمضان يلزمه أنه إذا قال لزوجته أنت طالق ليلة القدر، وإنها لا تطلق حتى يحول عليها الحول لأنها قد مرت بيقين لأن النكاح أمر متيقن لا يزول إلا بمثله وكونها في رمضان أمر مظنون، وفي هذا التفقه نظر، لأن الأحاديث الصحيحة التي تثبت بخبر الآحاد توجب العمل ولا تفيد العلم.
وقيل: في تسميتها بليلة القدر وجوه: أحدهما إنها ليلة تقدير الأمور والأحكام قال عطا عن ابن عباس إن الله تعالى قدر ما يكون في تلك السنة فيها من رزق وإحياء وإماتة إلى مثل هذه الليلة. وقيل القدر الضيق، لأن الأرض تضيق على الملائكة فيها.
وقيل: القدر المرتبة للفاعل متى أتى فيها بالطاعة، كان ذا قدر وشرف. وقيل نزل فيها كتاب ذو قدر وشرف عظيم، وقيل غير ذلك.
واعلم أن الله تعالى لا يحدث تقديره في هذه الليلة، لأنه تعالى قدر المقادير قبل خلق السماوات والأرض في الأزل، ولكن المراد إظهار تلك المقادير من شرح لامية العجم للصفدي.
لأبي الحسين الجزار في الحث على الإنفاق
إذا كان لي مال على ما أصونه؟ ... وما ساد في الدنيا من البخل دينه
ومن كان يوماً ذا يسار فإنه ... خليق لعمري أن تجود يمينه