[معنى البلاغة]
قال بعض الكبار: البلاغة أداء المعنى بكماله إلى النفس في أحسن صورة من اللفظ.
سأل رجل الجنيد رحمه الله كيف حسن المكر من الله سبحانه وقبح من غيره، فقال: لا أدري ما تقول ولكن.
أنشدني فلان الطبراني:
فديتك قد جبلت على هواكا ... فنفسي لا تطالبني سواكا
أحبك لا ببعضي بل بكلي ... وإن لم يبق حبك لي حراكا
ويقبح من سواك الفعل عندي ... وتفعله فيحسن منك ذاكا
فقال له الرجل: أسألك عن آية من كتاب الله، وتجيبني بشعر الطبراني، فقال: ويحك أجبتك إن كنت تعقل.
مما كتب الشريف جمال النقباء أبو إبراهيم محمد بن علي بن أحمد بن محمد بن الحسين بن إسحاق ابن الإمام جعفر الصادق رضي الله عنه وهو أبو الرضي والمرتضى رضي الله عنهما إلى أبي العلاء المعري:
غير مستحسن وصال الغواني ... بعد ستين حجة وثمان
فصن النفس عن طلاب التصابي ... وازجر القلب من سؤال المعاني
إن شرخ الشباب بدله شيباً ... وضعفاً مقلب الأعيان
فانفض الكف من حياء المحيا ... وامعن الفكر في اطراح المعاني
وتيمن بساعة البين واجعل ... خير فالٍ تناعب الغربان
فالأديب الأريب يعرف ما ضمن ... طي الكتاب بالعنوان
أترجي مالاً رحيباً وإسعاد ... سعاد وقد مضى الأطيبان
غلف الدهر عارضيك بشيب ... أنكرت عرفه أنوف الغواني
وتحامت حماك نافرة عنك ... نفار المهى من السرحان
ورد العايب البغيض إليهن ... وولى حبيبهن المداني
وأخو الحزم مغرم بحميد الذكر ... يوم الندى ويوم الطعان همه المجد واكتساب المعالي ... ونوال العافي وفك العاني
لا يعير الزمان طرفاً ولا ... يجعل صيراً بطارق الحدثان