المكلف من العهدة، والمقبول ما يترتب على فعله الثواب. واستدلوا بوجوه: الأول سؤال ابرهيم واسماعيل عليهما وعلى نبينا السلام التقبل، مع أنهما لا يفعلان إلا صحيحا. الثاني: قوله تعالى: {فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخر ". الثالث: الحديث: " إن من الصلاة لما يقبل ثلثها ونصفها وربعها " الحديث. الرابع: أن الناس مجمعون على الدعاء بقبول الأعمال، وهو يعطى عدم التلازم. الخامس: قوله تعالى: {إنما يتقبل الله من المتقين} مع أن عبادة الفاسق مجزئة. وقد تكلف بعضهم في الجواب عن هذه الوجوه بما لا يخلو عن خدش. الكسوف: إن كان غير تام والباقي من الشمس هلاليا فالضوء الخارج منهما النافذ في ثقب ضيق مستدير إلى سطح مواز مقابل للثقب يكون هلاليا، وليس ضوء القمر وقد انخسف بعضه، ولا أوائل الشهر وأواخره، مع أن المستنير منه في الأحوال هلالي إذا نفذ من الثقب إلى السطح الموازي هلاليا، بل مستدير وإن كان الثقب واسعا والسطح الموازي له كان الضوء الخارج من النيرين وقت انخسافهما على هيئة أشكال الثقوب، أعنى مستديرا إن كان الثقب مستديرا، أو مربعا إن كان مربعا إلى غير ذلك، وسببه مذكور في النهاية فليراجعها من أراد الاطلاع عليه.
[متى يقرأ المنطق]
قال العلامة في شرح حكمه الإشراق: اعلم أن مرتبة المنطق أن يقرأ بعد تهذيب الأخلاق وتقويم الفكر ببعض العلوم الرياضية من الهندسة والحساب. أما الأول فلما قال أبقراط في كتاب الفصول: البدن الذي ليس بالنقي كلما غذيته إنما تزيده شرا ووبالا، ألا ترى أن من لم تتهذب أخلاقهم، ولم تطهر أعراقهم، إذا شرعوا في المنطق سلكوا نهج الضلال، وانخرطوا في سلك الجهال، وأنفوا أن يكونوا مع الجماعة وأن يتقلدوا ذل الطاعة، فجعلوا الأعمال الظاهرة والأقوال الظاهرة التي وردت بها الشرائع دبر آذانهم، والحق تحت أقدامهم متمحلين لطريقهم حجة، ومتطلبين لضلالهم محجة، وهي أن الحكمة ترك الصور وإنكار الظواهر، إذ فيها يتحقق معاني الأشياء دون صورها، وبممارستها يطلع على حقائق الأمر دون ظواهرها ولم يخطر لهم بالبال أن الصورة مرتبطة بمعانيها، وظواهر الأشياء منبئة عن حقائقها، وأن الحقيقة ترك ملاحظة العمل لا ترك العمل كما ظنوا الطوائف عن الحكماء عقيدة، وأظهر المعاندين لهم سريرة. وأما الثاني فلتستأنس طباعهم إلى البرهان.