للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كبرت حول ديارهم لما بدت ... منها النفوس وليس فيها المشرق

وعجبت من أرض سحاب أكفهم ... من فوقها وصخورها لا تورق

ويفوح من طيب الثناء روايح ... لهم بكل مكانه تستنشق

مسكية النفحات إلا أنها ... وحشية بسواهم لا تعبق

أمريد مثل محمد في عصرنا؟ ... لا تبلنا بطلاب ما لا يخلق

لم يخلق الرحمن مثل محمد ... أحداً وظني أنه لا يخلق

يا ذا الذي يهب الكثير وعنده ... أني عليه بأخذه أتصدق

أمطر علي سحاب جودك ثروة ثرة ... وأنظر إلي برحمة لا أغرق

كذب ابن فاعلة يقول بجهله ... مات الكرام وأنت حي ترزق قال الصفدي: قد تحذف الفاء مع المعطوف بها إذا أمن اللبس، وكذلك اتلواو فمن حذف الفاء قوله تعالى: " فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم ذلكم خير لكم عند بارئكم فتاب عليكم " التقدير فإن امتثله فتاب عليكم، وقوله تعالى: " فمن كان منكم مريضاً أو على سفر فعدة من أيام أخر " معناه فأفطر فعليه عدة، وهذا الفاء العاطفة على الجواب المحذوف وتسميها أرباب المعاني الفاء الفصيحة.

يقال: إن أبا أيوب المرزباني وزير المنصور، كان إذا دعاه المنصور يصفر ويرعد فإذا خرج من عنده يرجع له لونه، فقيل له: إنا نراك مع كثرة دخولك على أمير المؤمنين وأنسه بك تتغير إذا دخلت عليه، فقال: مثلي ومثلكم مثل بازي وديك تناظرا، فقال البازي للديك: ما أعرف أقل وفاء منك لأصحابك، قال: وكيف؟ قال: تؤخذ بيضة فيحضنك أهلك وتخرج على أيديهم، فيطعمونك بأيديهم حتى إذا كبرت صرت لا يدنو منك أحد إلا طرت من هنا إلى هنا وصحت، وإن علوت على حائط دار كنت فيها سنين طرت منها وصرت إلى غيرها، وأما أنا فأوخذ من الجبال وقد كبر سني فتخاط عيني، وأطعم الشيء اليسير، وأساهر فأمنع من النوم وأنسى اليوم واليومين، ثم أطلق على الصيد وحدي فأطير إليه وآخذه وأجيء به إلى صاحبي، فقال له الديك: ذهبت عنك الحجة أما لو رأيت بازيين في سفود على النار ما عدت إليهم، وأنا في كل وقت أرى السفافيد مملوء ديوكاً، فلا تك حليماً عند غضب غيرك، وأنتم لو عرفتم من المنصور ما أعرفه لكنتم أسوء حالاً مني عند طلبه لكم.

[حكم الفاء]

قال ابن أبي الحديد في فلك الدائرة: الفاء ليست للفور، بل هي للتعقيب

<<  <  ج: ص:  >  >>