من كلام الغزالي الفرق بين الرجاء والأمنية أن الرجاء يكون على أصل، والتمني لا يكون على أصل، مثاله من زرع واجتهد وجمع ببدراً ثم يقول أرجو أن يحصل منه مائة قفيز فذلك منه رجاء. وآخر لا يزرع زرعاً ولا يعمل يوماً، قد ذهب ونام وأغفل سنة فإذا جاء وقت البيادر يقول أرجو أن يحصل لي مائة قفيز، فقال من أين لك هذه الأمنية التي لا أصل لها؟ {فكذلك العبد إذا اجتهد في عبادة الله تعالى وانتهى عن معاصيه يقول: أرجو أن يتقبلا الله هذا اليسير، ويتم هذا التقصير ويعظم الثواب، فهذا رجاء منه، وأما إذا غفل وترك الطاعات وارتكب المعاصي، ولم يبال بسخط الله ورضاه، ووعده وعيده. ثم أخذ يقول: أرجو من الله الجنة والنجاة من النار، فذلك منه أمنية لا حاصل لها وسماها رجاء وحسن ظن، خطأ منه وجهلاً.
قال بعضهم: رأيت أبا ميسرة العابد وقد بدت أضلاعه من الاجتهاد، فقلت يرحمك الله إن رحمة الله واسعة، فغضب وقال: هل رأيت ما يدل على القنوط؟ إن رحمة الله قريب من المحسنين، فأبكاني والله كلامه. ولينظر العاقل إلى حال الرسل والأبدال والأولياء واجتهادهم في الطاعات، وصرفهم العمر في العبادات لا يفترون عنها ليلاً ولا نهاراً، أما كان لهم حسن بالله؟} بلى والله إنهم كانوا أعلم بسعة رحمة الله وأحسن ظناً بجوده من كل ظان، ولكن علموا أن ذلك بدون الجد والإجتهاد، أمنية محضة، وغرور بحت، فأجهدوا أنفسهم في العبادة والطاعة، ليتحقق لهم الرجاء الذي هو من أحسن البضاعة.
لابن العفيف في الاقتباس من التصريف:
يا سكناً قلبي المعنى ... وليس فيه سواك ثاني
لأي شيء كسرت قلبي ... وما التقى فيه ساكنان
قال الصلاح الصفدي: هذا المعنى فيه خلل، لأن القلب ظرف لاجتماع ساكنين فالساكنان غير القلب، ولم يكسر أحد الساكنين كما هو القانون، إنما كسر ما اجتمعا فيه قال: وقد ذكرت ذلك لجماعة من الأدباء فاستحسنوا انتهى.
مهيار الديلمي من الشعراء المجيدين، كان مجوسياً وأسلم على يد الشريف المرتضى وعظم شأنه، ومن شعره يمدح قوماً شعر:
ضربوا بمدرجة الطريق قبابهم ... يتقارعون على قرى الضيفان