قال اليافعي في تاريخه سنة خمسمائة وأربع وخمسون كان ظهور النار بخارج المدينة النبوية وكانت من آيات الله تعالى ولم يكن لها حر على عظمها وشدة ضوئها وهي التي أضاءت لها أعناق الإبل ببصرى، فظهر بظهورها المعجزة العظمى التي أخبر بها النبي صلى الله عليه وسلم وكان نساء المدينة يغزلن على ضوئها بالليل وبقيت أياماً وظن أهل المدينة أنها القيامة وضجوا إلى الله، وكان ظهورها في جمادى الأخرى وكانت تأكل كل ما تأتي عليه من أحجار أو جبل، ولا تأكل الشجر ولم يكن لها حر وذهب إليها بعض غلمان الشريف صاحب المدينة، فأدخل فيها سهماً فأكلت النار نصله ثم قلبه وأدخله فيها فأكلت ريشه وبقي العود بحاله، قال بعضهم: إن علة عدم أكلها للشجر كونه في حرم المدينة النبوية.
قال صاحب التاريخ: والظاهر أن السهم لم يكن من شجر الحرم لأن شجرها لا يصلح للسهام ولعل السر أن هذه النار لما كانت آية من الآيات العظام جاءت خارقة للعادة فخالفت النار المعهودة، وكانت تثير كلما مرت عليه عين فيصير سداً لا يسلك فيه حتى سدت الوادي التي ظهرت فيها بسد عظيم بالحجر المسبوك بالنار.
لبشار في الإخوانيات
خير إخوانك المشارك في المر ... وأين الشريك في المر أينا
الذي إن شهدت سرك في الحي ... وإن غبت كان سمعاً وعينا
أنت في معشر إذا غبت عنهم ... بدلوا كل ما يزينك شينا
وإذا ما رأوك قالوا جميعاً ... أنت من أكرم البرايا علينا
ما أرى في الأنام وداً صحيحاً ... صار كل الوداد زوراً ومينا
قال بعض العرب
إذا مت أين يذهب بي؟ فقيل إلى الله تعالى فقال: ما أكره أن أذهب إلى من لم أر الخير إلا منه، وقد حام حول هذا المعنى أبو الحسن التهامي في مرثية لابنه حيث يقول:
أبكيه ثم أقول معتذراً له ... وفقت حيث تركت ألأم دار
جاورت أعدائي وجاور ربه ... شتان بين جواره وجواري
خلا أعرابي بامرأة فلم ينتشر له فقالت: قم خائباً فقال: الخائب من فتح الجراب، ولم يكتل له.