للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

النعمان، فاقتحمته عينه لأنه كان دميما، فقال النعمان: تسمع بالمعيدي خير من أن تراه، فقال له عمر: مهلا أبيت اللعن، فإنما المرء بأصغريه: لسانه وقلبه، فإذا نطق نطق ببيان، وإذا قابل قابل بجنان، قال: نعم والله. ثم قال له: فما السوأة؟ قال: المرأة الصخابة، الخفيفة الوثابة. قال: فما الفقر الحاضر؟ قال: الشاب القليل الحيلة، المطيع للحليلة، إذا غضبت ترضاها، وإذا رضيت تعداها. فقال: فما قرين السوء؟ قال جارك الذي إن كان فوقك قهرك، وإن كان دونك شتمك، إن منعته لعنك، وإن أعطيته مدحك. فقال له النعمان: لله أبوك، وأعطاه خمسين ألف درهم، وسوده على مائة من أصحابه.

[لغويات]

قال القرشي: الحرارة التي تجعل الطعام بحيث يصلح لأن يؤكل: إما أن تكون ملاقية له أو لا، الأول إما أن تكون هوائية، وهو الشي، أو أرضية كالجمر وهو التكبيب.

والثاني وهو ما يكون بينهما واسطة كالقدر، فإن كانت الحرارة تؤثر في ذلك المتوسط، والمتوسط في الطعام من غير أن يكون معه شيء آخر فهو القلي، وإن كان معه شيء آخر، فإن كان دهنا فهو التطجين، وإن كان ماء فهو الطبخ.

من كلام العارفين:

الدنيا تطلب لثلاثة أشياء: الغنى، والعز، والراحة: فمن زهد فيها عز. ومن قنع استغنى. ومن قل سعيه استراح.

أشرف عمر بن هبيرة من قصره، وإذا بأعرابي يرقص بعيره، فقال لحاجبه: لا تحجبه، فلما مثل بين يديه، قال له عمر: ما خطبك يا أعرابي؟ فقال:

(أصلحك الله قل ما بيدي ... فما أطيق العيال إذ كثروا)

(ألح دهري على كلكله ... فأرسلوني إليك وانتظروا)

فأخذت عمر الأريحية، واهتز وقال: أرسلوك إلي وانتظروا! إذا والله لا تجلس حتى ترجع إليهم غانما، وأمر له بألف دينار، ورده من ساعته إلى أهله.

النافون للمعاد بنوا كلامهم على محض الاستبعاد، فقالوا: كيف تجتمع أجزاء البدن بعد التفرق والتشتت العظيم، سيما من قطعت أوصاله، وفرقت في مواضع متباعدة، وصارت كل ذرة منها في مكان، وكل جزء منها في قطر من الأقطار. فيقال لهؤلاء: ألم

<<  <  ج: ص:  >  >>