أماطت كساء الخز عن حر وجهها ... وأرخت على المتنين برداً مهلهلا
من اللاء لم يحججن يبغين حسبة ... ولكن ليقتلن البريء المغفلا
قال أبو حازم لأصحابه: تعالوا ندع الله لهذه الصورة الحسنة أن لا يعذبها الله بالنار فجعل يدعو وأصحابه يؤمنون، فبلغ ذلك الشعبي، فقال: ما أرقكم يا أهل الحجاز، أما لو كان أهل العراق لقال اغربي عليك لعنة الله.
قال عبد الله بن المعتز في جملة كلام له: وعد الدنيا إلى خلف، وبقاؤها إلى تلف، كم راقد في طلبها قد أيقظته، وواثق بها قد خانته، حتى يلفظ نفسه ويسكن رمسه وينقطع عن أمله؛ ويشرف على عمله، قد ركض الموت إلى حياته ونقض قوى حركاته وطمس البلى جمال بهجته، وقطع نظام صورته وصار كخط من رماد تحت صفايح انضاد، قد أسلمه الأحباب وافترسه التراب في بيت قد اتخذته المعاول وفرشت فيه الجنادل ما زال مضطرباً في أمله حتى استقر في أجله ومحت الأيام ذكره واعتادت الألحاظ فقده.
من كلامهم: إذا أفنيت عمرك في الجمع، فمتى تأكل؟ ! من بعض التواريخ المعتمد عليها اصطبح المأمون وعنده عبد الله بن طاهر ويحيى بن أكثر فغمز المأمون الساقي على إسكار يحيى فسقاه حتى تلف، وبين أيديهم ردم فيه ورد، فشقوا له فيه شبه اللحد ودفنوه في الورد، ونظم المأمون فيه هذين البيتين، وأمر بعض جواريه فغنت بهما عند رأس يحيى:
ناديته وهو ميت لا حراك به ... مكفن في ثياب من رياحين
وقلت قم قال رجلي لا تطاوعني ... فقلت خذ قال كفي لا تواثيني
وجعلت تردد الصوت، فأفاق يحيى وهو تحت الورد فأنشأ يقول مجيباً:
يا سيدي وأمير الناس كلهم ... قد جار في حكمه من كان يسقيني
إني غفلت عن الساقي فصيرني ... كما تراني سليب العقل والدين
لا أستطيع نهوضاً قد وهى بدني ... ولا أجيب المنادي حين يدعوني
فاختر لنفسك قاض إنني رجل ... الراح تقتلني والعود تحييني سئل بعض الأدباء من بعض الوزراء جملاً فأرسل إليه جملاً ضعيفاً نحيفاً فكتب