لا قالوا إن أمره بما يوافق أمره يقظة ففيه خلاف، وإن أمره بما يخالف أمره فإن قلنا أن من رآه صلى الله عليه وسلم على الوجه المنقول في صفته فرؤياه حق، فهذا من قبيل تعارض الدليلين والعمل بأرجحهما، وما ثبت في اليقظة فهو أرجح، فلا يلزمنا العمل بما أمره فيما يخالف أمره يقظة. من كتاب يتيمة الدهر للإمام الثعالبي رحمه الله: جرى بين الشعراء بحضرة الصاحب في ميدان اقتراحه. أقرأني أبو بكر الخوارزمي كتاباً لأبي محمد الخازن، ورد في ذكر الدار التي بناها الصاحب بأصبهان، وانتقل إليها واقترح على أصحابه وصفها، وهذه نسخته بعد الصدر نعم الله عند مولانا الصاحب مترادفة، ومواهبه له متضاعفة، وآراء أولياء النعم كبت الله أعدائهم، تتظاهر كل يوم حسناً في إعظامه، وبصائرهم تتراىء قوة في إكرامه والوفود إلى بابه المعمور بالفال المسعود، فرأيناه يوماً مشهوداً وعيداً يجنب عيداً، واجتمع المادحون، وقال القائلون، ولو حضرتني القصائد لأنفدتها إلا أني علقت من كل واحدة ما علق بحفظي، والشيخ مولاي يعرف ملك النسيان لرقي، قصيدة الأستاذ أبي العباس أولها شعر:
دار الوزارة ممدود سرادقها ... ولاحق بذرى الجوزاء لاحقها
والأرض قد واصلت غيض السماء بها ... فقطرها أدمع بحري سوابقها
تود لو أنها من أرض عرصتها ... وأن أنجمها فيها طوابقها
فمن يجالس يخلفن الطواوس قد ... لبسن مجسدة راقت طرايقها
تفرعت شرفات في مناكبها ... يرتد عنها كليل العين رامقها
مثل العذارى وقد شدت مناطقها ... وتوجت بأكاليل مفارقها
كل امرء شق عنه الحجب رؤيتها ... وأشرقت في محياه مشارقها
مخلف قلبه فيها وناظره ... إذا تجلت لعينيه حقائقها
والدهر حاجبها يحمي مواردها ... عن الخطوب إذا صالت طوارقها
موارد كلما هم العفاة بها ... عادت مفاتح للنعمى مغالقها
دار الأمير التي هذي وزيرتها ... أهدت لها وشحاً راقت نمارقها