للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إلى الحسن بن هاني كيف سرق شعري وأخذ به مالاً وخلعاً؟ فقلت: وأي معنى سرق؟ وقال: قوله فتمشت في مفاصلهم إلى آخره فقلت: وأي شيء قلت؟ قال قلت:

غراء في فرعها الليل على قمر ... على قضيب على دعص القنا الدهس

أذكى من المسك أنفاساً وبهجتها ... وقلبها في الصمت والخرس

كأن قلبي وشاحاً إذا خطرت ... وقلبها قلبها في الصمت والخرس

تجري محبتها في قلب وامقها ... جرى السلامة في أعضاء منتكس

فقلت: ممن سرقت هذا المعنى؟ فقال: لا أعلم أخذته من أحد، فقلت بلى من عمرو بن أبي ربيعة حيث يقول:

أما والراقصات بذات عرق ... ورب البيت والركن العتيق

وزمزم والطواف ومشعريها ... ومشتاق يحن إلى مشوق

لقد دب الهوى لك في فؤادي ... دبيب دم الحياة إلى العروق

فقال: ممن سرق عمرو بن ربيعة هذا المعنى؟ قلت: من بعض البدويين.

حيث يقول:

وأشرب قلبي حبها ومشى به ... كمشي حميا الكأس في عقل شارب

ودب هواها في عظامي وحبها ... كما دب في الملسوع سم العقارب

فقال لي: ممن أخذ هذا البدوي؟ قلت: من أسقف نجران حيث يقول:

منع البقاء تقلب الشمس ... وطلوعها من حيث لا تمسي وطلوعها حمراء صافية ... وغروبها صفراء كالورس

تجري على كبد السماء كما ... يجري حمام الموت في النفس

انتهى ما حكى الأصمعي: قال الصفدي: وقد أخذه أبو نواس برمته من بعض الهذليين، يصف قانصاً تحبل صيداً بسرعته مشى حيث يقول:

فتمشى لا تحس بها ... كتمشي النار في الفحم

أقول: وقال أبو طيب: قريباً من هذه المعاني:

جرى حبها مجرى دمي في مفاصلي ... فأصبح لي عن كل شغل بها شغلي

<<  <  ج: ص:  >  >>