الحسيني له خلد الله سبحانه على مفارق العالمين ظلال سلطنته القاهرة وشيد لإعلاء معالم الدين المتين أركان خلافته الباهرة ساطعاً عن ذروة الإقبال أشعة نيران حشمته وسطوته. صاعداً إلى أوج الجلال كواكب مواكب عظمته وشوكته. ولا زال شمس سعادته طالعة عن أفق المكرمات الإلهية مصونة عن الزوال، وبدر جلاله ثابتاً في أوج برج الشرف بالكمال، بالنبي وآله العظام وصحبه الكرام مدى الدهر والأعوام. والمسؤول من حضرته العليا ملاحظة تتضمن نيل المرام والله تعالى ولي الفضل والإنعام. قال صاحب الكشاف عند تفسير قول الله عز وجل:" وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتو بسورة من مثله " متعلق بسورة صفة لها أي بسورة كائنة من مثله، والضمير لما نزلنا أو لعبدنا ويجوز أن يتعلق بقوله فأتوا والضمير للعبد إنتهى، وحاصله أن الجار والمجرور أعني من مثله، إما أن يتعلق بفأتوا على أنه ظرف لغو، أو صفة لسورة على أنه ظرف مستقر وعلى كلا التقديرين فالضمير في مثله إما عائد إلى ما نزلنا أو إلى عبدنا، فهذه صور أربع جوز ثلاثاً منها تصريحاً ومنع واحدة منها تلويحاً حيث سكت عنها وهي أن تكون الظرف متعلقاً بفأتوا والضمير لما نزلنا.
ولما كانت علة عدم التجويز خفية استشكل خاتم المحققين عضد الملة والدين واستعلم عن علماء عصره بطريق الاستفتاء، وهذه عبارته نقلناها على ما هي عليه تبركاً بشريف كلامه: يا أدلاء الهدى ومصابيح الدجى، حياكم الله وبياكم وألهمنا بتحقيقه وإياكم ها أنا من نوركم مقتبس، وبضوء ناركم ملتبس، ممتحن بالقصور، لا ممتحن ذا غرور ينشد بأطلق لسان وأرق جنان.
ألا قل لسكان وادي الحمى ... هنيئاً لكم في الجنان الخلود
أفيضوا علينا من الماء فيضاً ... فنحن عطاش وأنتم ورود
قد استبهم قول صاحب الكشاف أفيضت عليه سجائل الألطاف، من مثله متعلق بسورة صفة لها أي بسورة كائنة من مثله والضمير لما نزلنا أو لعبدنا، ويجوز أن يتعلق بقوله فأتوا والضمير للعبد، حيث جوز في الوجه الأول كون الضمير لما نزلنا تصريحاً وحصره في الوجه الثاني تلويحاً، فليت شعري ما الفرق بين فأتوا بسورة كائنة من مثل ما نزلنا وفأتوا من مثل ما نزلنا بسورة، وهل ثمة حكمة خفية؟ أو نكتة معنوية؟ أو هو تحكم بحت؟ بل هذا مستبعد من مثله، فإن رأيتم كشف الريبة وإحاطة الشبهة والإنعام بالجواب أثبتم أجزل الأجر والثواب.