للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

على كل القرآن وأبعاضه وأبعاض أبعاضه إلى حد لا يزول عنه البلاغة القرآنية، وحينئذ يكون الغرض منه المفهوم الكلي وهو نوع من أنواع البليغ فرده القرآن أمر بإتيان فرد من هذا النوع فلا محذور.

وقال في شرحه المختصر على التلخيص قلت: لأنه يقتضي ثبوت مثل القرآن في البلاغة وعلو الطبقة بشهادة الذوق، إذ العجز إنما يكون عن المأتي به فكان مثل القرآن ثابت لكنهم عجزوا من أن يأتوا منه بسورة، بخلاف ما إذا كان وصفاً للسورة فإن المعجوز عنه هو السورة الموصوفة باعتبار انتفاء الوصف، فإن قلت: فليكن العجز باعتبار انتفاء المأتي به قلت: احتمال عقلي لا يسبق إلى الفهم ولا يوجد له مساغ في اعتبارات البلغا واستعمالاتهم فلا اعتداد به إنتهى كلامه. وأقول: لا يخفى أن كلامه ها هنا مجمل ليس نصاً فيما قصد به في كلامه في شرح الكشاف، وحينئذ نقول إن أراد بقوله إذ العجز إنما يكون عن المأتي مستلزم فكان مثل القرآن أن العجز باعتبار المأتي به لأن يكون مثل القرآن موجوداً ويكون العجز عن الإتيان بسورة منه بشهادة الذوق مطلقاً فهو ممنوع لأنه إنما يشهد الذوق بلزوم ذلك إذا كان المأتي به أعني مثل القرآن كلاً له أجزاء والتعجيز باعتبار الإتيان بجزء منه كما قررنا سابقاً وإن أراد أنه إنما يلزم بشهادة الذوق إذا كان المأتي منه كلاً له أجزاء فهو مسلم لكن كونه مراد ها هنا ممنوع بل المراد ها هنا أن المأتي منه نوع من أنواع الكلام، والتعجيز راجع إليه باعتبار الأمر بإتيان فرد آخر منه، كما صورناه في مثال الياقوتة فتذكر.

قال المدقق صاحب الكشف في شرحه على هذا الموضع من كلام الكشاف ويجوز أن يتعلق بفأتوا والضمير للعبد إما أن يتعلق بسورة صفة لها فالضمير للعبد، أو للمنزل على ما ذكره وهو ظاهر، ومن بيانية أو تبعيضية على الأول، لأن السورة المفروضة بعض المثل المفروض والأول أبلغ ولا يحمل على الإبتداء على غير التبعيضية أو البيان فإنهما أيضاً يرجعان إليه على ما أثر شيخنا الفاضل رحمه الله، وابتدائية على الثاني، وأما إذا تعلق بالأمر فهي ابتدائية والضمير للعبد، لأنه لا يتبين إذ لا مبهم قبله، وتقديره رجوع إلى الأول ولأن البيانية أبداً مستقر على ما سيجيء إن شاء الله فلا يمكن تعلقها بالأمر ولا تبعيض، إذا الفعل يكون واقعاً عليه كما في قولك أخذت من المال، وإتيان البعض لا معنى له بل الإتيان بالبعض فتعين الإبتداء ومثل السورة والسورة نفسها أن جعلا مقحمين لا يصلحان مبدءاً بوجه. أقول: فتعين أن يرجع الضمير إلى العبد، وذلك لأن المعتبر في هذا الفعل المبدأ الفاعلي المادي أو الغائي أو جهة تلبس بها ولا يصح واحد منها، فهذا ما لوح إليه العلامة وقد كفت بهذا البيان إتمامه انتهى كلامه.

<<  <  ج: ص:  >  >>