للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فقط بل بشرط أن يكون بعضاً من كلام مثل القرآن فيه نظر، لأن الإتيان من المثل لا يقتضي أن يكون من الكلام مثل القرآن بل يكون المأتي جزءاً منه: بل يقتضي أن يكون من نوع من الكلام غالباً في البلاغة إلى حيث انتهى به البلاغة القرآنية، والمأتي به يكون فرداً من أفراده ولعمري إنه ما وقع في هذا إلا لأنه جعل المثل كلاً له أجزاء لا كلياً له أفراد كما فصلناه سابقاً في مثال الياقوتة حيث أوردنا الكلام على العلامة التفتازاني، فلا يحتاج إلى الإعادة، وظني أم منشأ كلام العلامة التفتازاني ليس إلا كلام الفاضل الطيبي تأمل وتدبر.

وقد يجاب بوجوه آخر، في غاية الضعف ونهاية الزيف أوردها العلامة التفتازاني في شرح الكشاف وبين ما فيها رأينا أن في نقلها على ما هي عليها استيعاباً للأقوال وليكن للمتأمل في هذه الآية زيادة بصيرة. الأول: إنه إذا تعلق بفأتوا فمن للابتداء إذ لا مبهم تبين ولا سبيل إلى البعضية لأنه لا معنى لإتيان البعض ولا مجال لتقدير الباء مع من كيف وقد ذكر المأتي به صريحاً وهو الصورة، وإذا كانت من للابتداء تعين كون الضمير للعبد لأنه المبدأ للإتيان بالكلام في التكلم، على أنك إذا تأملت فالمتكلم ليس مبدأ للإتيان بكلام غيره بل بكلام نفسه، بل معناه أنه يتصل به الأمر الذي اعتبر له امتداد حقيقة أو توهماً كالبصيرة للخروج، والقرآن للإتيان بسورة منه.

الثاني: إذا كان الضمير لما نزلنا ومن صلة فأتوا كان المعنى فأتوا من منزل مثله بسورة، فكان مماثلة ذلك المنزل بهذا المنزل هو المطلوب لا مماثلة سورة واحدة منه بسورة من هذا، وظاهر أن المقصود خلافه كما نطقت به الآي الأخر وفيه نظر، لأن إضافة المثل إلى المنزل لا يقتضي أن يعبر موصوفه منزلاً، ألا ترى أنه إذا جعل صفة سورة لم يكن المعنى من منزل مثل القرآن بل من كلام وكيف يتوهم ذلك؟ والمقصود تعجيزهم عن أن يأتوا من عند أنفسهم بكلام من مثل القرآن، ولو سلم فما ادعاه من لزوم خلاف المقصود غير بين ولا مبين.

الثالث: أنها إذا كانت صلة فأتوا كان المعنى فأتوا من عند المثال كما يقال ائتوا من زيد بكتاب أي من عنده ولا يصح من مثل القرآن، بخلاف مثل العبد وهذا أيضاً بين الفساد إنتهى.

وقد ألهمت لحل الكلام في فناء بيت الله الحرام ما إذا تأملت فيه عسى أن يتضح المرام فأقول: وبالله التوفيق، وبيده أزمة التحقيق،

<<  <  ج: ص:  >  >>