من تجديد خلقه، وأماد السماء وفطرها وارج الأرض وأرجفها وقلع جبالها ونسفها، ودك بعضها بعضاً من هيبة جلالته ومخوف سطوته فأخرج من فيها، فجددهم بعد اخلاقهم، وجمعهم بعد تفريقهم ثم ميزهم لما يريد من مسألتهم عن خفايا الأعمال، وجعلهم فريقين أنعم على هؤلاء وانتقم من هؤلاء فأما أهل الطاعة فأثابهم بجواره وخلدهم في دار حيث لا يظعن النزال ولا يتغير بهم الحال ولا ينوبهم الإفزاع، ولا تنالهم الأسقام ولا تعرض لهم الأخطار، ولا تشخصهم الأسفار. وأما أهل المعصية فأنزلهم شر دارهم، وغل الأيدي إلى الأعناق، وقرن النواصي بالأقدام، وألبسهم سرابيل القطران ومقطعات النيران في عذاب قد اشتد حره، وباب قد أطبق على أهله في نار لها كلب ولجب ولهب ساطع، وقصيف هايل، لا يظعن مقيمها ولا يفادي أسيرها، ولا تقصم كبولها، ولا مدة للدار فتفنى ولا أجل للقوم فيقضى.
قيل لبعض الحكماء: أيما أحب إليك أخوك أم صديقك؟ فقال: إنما أحب أخي إذا كان صديقاً.
قال بعض العارفين: إن الشيطان قاسم أباك وأمك أنه لهما لمن الناصحين، وقد رأيت ما فعل بهما وأما أنت فقد أقسم على غوايتك كما قال الله تعالى حكاية عنه:" فبعزتك لأغوينهم أجمعين " فماذا ترى يصنع بك؟ فشمر عن ساق الحذر منه ومن كيده ومكره وخديعته. قيل لبعض الأعراب: صف لنا فلانا وكان ثقيلا فقال: والله إنه ثقيل الطلعة بغيض التفصيل والجملة، بارد السكون والحركة، قد خرج عند حد الاعتدال، وذهب من ذات اليمين إلى ذات الشمال، يحكى ثقل الحديث المعاد، ويمشي على القلوب والأكباد لا أدري كيف لم تحمل الأمانة أرض حملته، وكيف احتاجت إلى الجبال بعدما أقلته، كأن وجهه أيام المصائب وليالي النوائب، وكأنما قربه بعد الحبائب وسوء العواقب، وكأنما وصله عدم الحياة، وموت الفجأة
وقال بعض الأعراب في وصف ثقيل: هو أثقل من الدين على وجع العين ثقيل