بدوت وأهلي حاضرون لأنني ... أرى أن داراً لست من أهلها قفر
وحاربت أهلي في هواك وإنهم ... وأياي لولا حبك الماء والخمر
وفيت وفي بعض الوفاء مذلة ... لإنسانة في الحي شيمتها الغدر
وقور وريعان الصبا يستفزها ... فتأرن أحياناً كما أرن المهر
فإن كان ما قال الوشاة ولم يكن ... فقد يهدم الإيمان ما شيد الكفر
تسائلني من أنت وهي عليمة ... وهل للفتى مثلي على حاله نكر
فقلت كما شاءت وشاء لها الهوى ... قتيلك قالت أيهم وهم كثر
فأيقنت أن لا عز بعدي لعاشق ... وأن يدي مما علقت به صفر
فلا تنكريني يا ابنة العم إنني ... ليعرف ما أنكرته البدو والحضر
وقلبت أمري لا أرى لي راحة ... إذا البين أنساني ألح بي الهجر
فعدت إلى حكم الزمان وحكمها ... لها الذنب لا تجزي به ولي الغدر
وإني لحراب نزال بكل مخوفة ... كثير إلى نزالها النظر الشزر
فأظمأ حتى يرتوي البيض والقنا ... وأسغب حتى يشبع الذئب والنسر
ويا رب دار لم تخفني منيعة ... طلعت عليها بالردى أنا والفجر
وحين ملكت الخيل حتى رددته ... هزيماً فردتني البراقع والخمر
وما حاجتي بالمال أبغي وفوره ... إذا لم أفر عرضي فلا وفر الوفر
أسرت وما صحبي بعزل لدى الوغى ... ولا فرسي مهر ولا ربه عمرو
ولكن إذا جم القضاء على امرىء ... فليس له برتقيه ولا بحر
هو الموت فاختر ما علالك ذكره ... ولم يمت الإنسان ما حيي الذكر
ولا خير في دفع الردى بذلة ... كما ردها يوماً بسوأته عمرو
فإن عشت فالطعن الذي يعرفونه ... وتلك القنا والبيض والضمر والشقر
وإن مت فالإنسان لابد ميت ... وإن طالت الأيام وانفسح العمر
تمنون أن خلوا ثيابي وإنما ... علي ثياب من دمائهم حمر
وقائم سيفي فيهم دق نصله ... وأعقاب رمحي منهم حطم الصدر
ستذكرني قومي إذا جد جدها ... وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر
ولو سد غيري ما سددت اكتفوا به ... وما كان يغلو التبر لو نفق الصفر
ونحن أناس لا توسط بيننا ... لنا الصدر دون العالمين أو القبر
تهون علينا في المعالي نفوسنا ... ومن خطب الحسنان لم يغله المهر
هذا آخر ما اخترته منها وهي طويلة عذبة جيدة رائقة المعاني جزلة الألفاظ.
سمع بعض الحكماء رجلاً يقول: قلب الله الدنيا فقال: إذن تستوي لأنها مقلوبة.
ومن كلامهم: الابتلاء بمجنون كامل أهون من الابتلاء بنصف مجنون.
ومن كلامهم: عداوة العاقل أقل ضرراً من صداقة الأحمق.