قال الإمام الرازي في قوله تعاى:{هو الذي خلقكم من طين} إن غلإنسان مخلوق من المنى ودم الطمث، وهما يتوالدان من الدم، والدم إنما يتولد من الأغذية، والأغذية إما حيوانية أو نباتية فإن كانت حيوانية فالحال في تولد ذلك الحيوان كالحال في تولد الإنسان، فبقى أن تكون نباتية، فإنسان مخلوق من الأغذية النباتية، ولا شك أنها متولدة من الطين، فيكون هو أيضا متولدا من الطين.
من النهج من أواخر الكتاب الذي كتب إلى سهل بن حنيف: إليك عني يا دنيا، فحبلك على غاربك، ولقد انسللت من مخالبك، وأفلت من حبائلك، وأحببت الذهاب من مداحضك. أين القرون الذين غررتهم بمداعبتك؟ أين الأمم الذين فتنتهم بزخارفك. ها هم رهائن القبور، ومضامين اللحود. والله لو كنت شخصا مرئيا، وقالبا حسيا لأقمت عليك حدود الله في عباد غررتهم بالأماني، وأمم ألقيتهم في المهاوي، وملوك أسلمتهم إلى التلف، واوردتهم موارد البلاء، اغربي عني، فوالله لا أذل لك فتذليني، ولا أسلس لك فتقوديني، وايم والله يمينا لا أستثنى فيها لأروض نفسي رياضة تهش معها إلى القرض إذا قدرت عليه مطعوما، وتقنع بالملح مأدوما، ولأدعن مقلتي كعين ماء نضب معينها مستفرغة دموعها، أتمتلئ السائمة من رعيها فتبرك وتشبع الربيضة من عشبها فتربض، ويأكل علي من زاده فيهجع، قرت إذا عينه إذا اقتدى بعد السنين المتطاولة بالبهيمة الهاملة، والسائمة المرعية، طوبى لنفس أدت لربها فرضه وعركت بجنبها بؤسها وهجرت في الليل غمضها حتى إذا الكرى غلبها افترشت أرضها وتوسدت كفها في معشر أسهر عيونهم خوف معادهم، وتجافت عن مضاجعهم جنوبهم، وهمهمت بذكر ربهم شفاهم وتقشعت لطول استغفارهم ذنوبهم. اهـ.
من التائية الصغرى للشيخ عمر بن الفارض رحمه الله تعالى: