الكتاب: وتمسك بحبل القرآن وانتصحه وأحل حلاله وحرم حرامه وصدق بما سلف من الحق واعتبر بما مضى من الدنيا على ما بقي منها، فإن بعضها يشبه بعضاً وآخرها لاحق بأولها كلها حايل مفارق وعظم اسم الله أن تذكره إلا على حق وأكثر ذكر الموت وما بعد الموت، ولا تتمن الموت إلا بشرط وثيق، واحذر كل عمل يرضاه صاحبه لنفسه ويكرهه لعامة المسلمين واحذر كل عمل إذا سئل صاحبه عنه أنكره واعتذر منه. ولا تجعل عرضك عرضاً لنبال القوم. ولا تحدث الناس بكل ما سمعت فكفى بذلك كذباً. ولا ترد على الناس كلما حدثوك به، فكفى بذلك جهلاً واكظم الغيظ واحلم عند القدرة، واصفح مع الغضب وتجاوز عند الدولة تكن لك العاقبة واستصلح كل نعمة أنعم الله عليك، ولا تضيعن نعمة من نعم الله عندك وليكن عليك أثر ما أنعم الله به عليك.
واعلم أن أفضل المؤمنين أفضلهم تقدمة من نفسه وأهله وماله، وأنك ما تقدم من خير يبق لك ذخره، وما تؤخر يكن لغيرك خيره، واحذر صحابة من يفيل ريه أو ينكر عمله، فإن الصاحب معتبر بصاحبه واسكن الأمصار العظام فإنها جماع المسلمين، واحذر منازل الغفلة والجفا وقلة الأعوان على طاعة الله وأقصر رأيك على ما يعنيك وإياك ومقاعد الأسواق فإنها محاضر الشيطان، ومعاريض الفتن، وأكثر أن تنظر إلى من فضلت عليه فإن ذلك من أبواب الشكر. ولا تسافر في يوم جمعة حتى تشهد الصلاة إلا قاصداً في سبيل الله، أو في أمر تعذر به وأطع الله في جل أمورك فإن طاعة الله فاضلة على ما سواها، وخادع نفسك في العبادة، وارفق بها ولا تقهرها وخذ عفوها ونشاطها إلا ما كان مكتوباً عليك من الفريضة، فإنه لابد من قضائها، وتعدها عند محلها. وإياك أن ينزل بك الموت، وأنت آبق من ربك في طلب الدنيا. وإياك ومصاحبة الفساق فإن الشر بالشر ملحق، ووقر الله. وأحب أحباءه واحذر الغضب فإنه جند عظيم من جنود إبليس والسلام.
من الملل والنحل، بقراط واضع الطب قال بفضله الأوايل والأواخر ومن كلامه الأمن مع الفقر، خير من الخوف مع الغنى.
ودخل على عليل. فقال: أنا والعلة وأنت ثلثة، فإن اعنتني عليها بالقبول لما أقول صرنا اثنين، وانفردت العلة والاثنان إذا اجتمعا على واحد غلباه.
وسئل ما بال الانسان أثور ما يكون بدنه إذا شرب الدواء؟ فقال: كما أن البيت أكثر ما يكون غباراً إذا كنس.
وقال يداوي كل عليل بعقاقير أرضه. فإن الطبيعة متطلعة إلى هواها، نازعة إلى غذائها