ولذيذها مشبع، وصحتها قر الأضداد على وزن واعداد وسلامتها استمرار فاقة إلى استمراء مذاقة، ودوام حاجة إلى مج مجاجة نعم والله ما المشغول بها مثبط والمتصرف فيها الا مخبط موزع البال بين ألم وياس ونقود وأجناس أخيذ حركات شتى، وعنيف أوطار تترى، وأين هو عن المهاجرة إلى التوحيد، واعتماد النظام بالتفريد، والخلوص من التشعب إلى التراب وعن التذبذب إلى التهذب، وعن باد يمارسه إلى أبد يشارقه، وهناك اللذة حقاً والحسن صدقاً، سلسال كلما سقيته على الري كان أهنى وأشفى، ورزق كلما أطعمته على الشبع كان أغذي، وامرىء ري استقاء لا رى اباء وشبع استشباع لأبشع استبشاع، ونسأل الله تعالى أن يجلو عن أبصارنا الغشاوة وعن قلوبنا القساوة، وأن يهدينا كما هداه ويؤتينا مما آتاه، وأن يحجز بيننا وبين هذه الغارة الغاشة البسور في هيئته الباشة المعاصرة، في حلية المباسرة المفاصلة، في معرض المواصلة، وأن يجعله أمامنا فيما أثر وأثر وقايدنا إلى ما صار اليه وسار أنه ولي ذلك فأما ما التسمه من تذكره ترد مني وتبصرة تأتيه من قبلي وبيان يشفيه من كلامي فكبصير استرشد عن مكفوف، وسميع استخبر عن موقور السمع غير خبير فهل لمثلي أن يخاطبه بموعظة حسنة، ومثل صالح، وصواب مرشد وطريق اسنه له منقذ والى غرضه الذي أمه منفذ، ومع ذلك فليكن الله تعالى أول فكرة، وآخره، وباطن اعتباره وظاهره، وليكن عين نفسه مكحولة بالنظر إليه، وقدمها موقوفة على المثول بين يديه، ومسافراً بعقله في الملكوت الأعلى، وما فيه من آيات ربه الكبرى، فإذا انحط إلى قراره لير الله في آثاره، فانه باطن ظاهره تجلى لكل شيء ففي كل شيء له آية تدل على أنه واحد.
قاذا صارت هذه الحال ملكة، وهذه الخصلة وتيرة، انطبع في فصه نقية الملكوت، وتجلى له آية قدس اللاهوت، فألف الأنس الأعلى وذاق اللذة والقصوى ومذعن نفسه إلى من هو به أولى، وفاضت عليه السكينة، وحفت به الطمأنينة، واطلع على العالم الأدنى ... اطلاع راحم لأهله، مستوهن بحبلة، مستخف لثقله، وليعلم أن أفضل الحركات الصلوة وأفضل السكنات الصيام، وارفع البر والصدقة، وازكى السير الاحتمال، وأبطل السعي الرياء ولن تخلص النفس عن البدن ما التفت إلى قيل وقال، ومناقشة وجدال، وخير العمل ما صدر عن مقام نية، وخير النية ما ينفرج عن جناب علم.
والحكمة أم الفضايل، ومعرفة الله أول الأوايل، اليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه،