وذهب بعضُ الشافعية وبعض الحنابلة: أن الإجابةَ إلى الوليمة فرضُ كفاية؛ لأنَّ الإجابة إكرامٌ وموالاة؛ فهي كردِّ السلام؛ وأما قوله:«ومَن لا يُجِبِ الدعوة، فقد عصى اللهَ ورسوله» فموقوف، ولا يصحُّ رفعُهُ للنبي ﷺ، وهذا أقرب.
مسألة: شروطُ وجوب إجابة وليمة العُرْسِ عند القائلين بالوجوب:
الشرط الأول: أنه يجب أن يجيبَ الدعوة الأُولى إذا تكرَّرتْ؛ لأنها في المرة الثانية والثالثة يُخشَى مِنْ محذور الإسراف أو الخيلاء.
الشرط الثاني: أن يكون الداعي مسلِمًا، لما تقدم، ولحديث أبي هُرَيرة ﵁؛ أن النبيَّ ﷺ قال:«حقُّ المسلِم على المسلِم خمسٌ … وإذا دعاك فأجِبْهُ»؛ رواه مسلِم.
الشرط الثالث: أن يكون ممن يحرُمُ هجرُه، فإن كان لا يحرم هجرُهُ، فلا تجب إجابةُ دعوته؛ كصاحب بِدعة ينفع فيه الهجر.
الشرط الرابع: أن يعيِّنَه الداعي، فإن دعا العمومَ، فلا تتعين إجابته، وأصبحت مِنْ باب فروض الكفايات.
الشرط الخامس: ألا يكون هناك منكَر لا يَقدِر على تغييره؛ لقوله تعالى: ﴿وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ﴾ [الأنعَام: ٦٨].
الشرط السادس: ألا يخصَّ بها الأغنياء؛ لِما تقدم من حديث:«شر الطعام … ».
الشرط السابع: ألا يحصل له بالحضور ضرَرٌ، أو مشقة وحرج؛ لقوله تعالى: ﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ﴾ [الحَجّ: ٧٨]؛ مثل: السفر، والمطر، وشدة البَرْد، ونحو ذلك.