قال أَبو بكر محمدُ بن القاسم بن بشَّارٍ الأَنباريُّ النحويّ: الحمد لله حقَّ حمدِه، على ما أَوْلَى من نِعمه وفَضْلِه، وظَاهَر من آلائه وَطوْله. والصَّلاةُ على خيرِ خَلْقه، أَبي القاسم خاتِم رُسُله، والأَمينِ على وَحْيِه، والدَّاعي إِلى أَمرِه، والسَّلامُ على الطّيّبين من آله وصحبِه.
هذا كتاب ذِكْر الحروف التي تُوقِعُها العربُ على المعاني المتضادّة، فيكونُ الحرفُ منها مؤدِّياً عن معنييْن مختلفيْن، ويَظُنُّ أَهلُ البِدَع والزَّيْغ والإِزْرَاء بالعرب، أَنَّ ذلك كان منهُمْ لنُقْصان حكمتهم، وقلَّة بلاغتهم، وكثرة الالْتباس في محاوراتهم، وعند اتّصال مخاطباتهم، فيَسْأَلُون عن ذلك، ويحتجُّون بأنَّ الاسم مُنبِئ عن المعنى الَّذي تحته ودالٌّ عليه، ومُوضِحٌ تأْويلَه، فإِذا اعتورَ اللفظةَ الواحدة معنيان مختلفانِ لم يَعْرِف المخاطَب أَيَّهما أَراد المخاطِب،