ليلة ثلاث آياتٍ من القرآن لم يبت متوسِّداً للقرآن.
وقالَ الحسن: لعن الله مَنْ يتوسَّد القرآن. وقالَ غيره: يأَيها الناس، لا توسّدوا القرآن، وأَكثروا تِلاوته، ولا تستعجلوا ثواباً؛ فإِنَّ له ثواباً. وقالَ رجل لبعض أَصحاب رَسُولُ الله صَلّى اللهُ عليه وسَلّم: إنِّي أُحبّ أَن أَتعلّم العلم، وأَخاف ألَاّ أَقوم بحقه، فقال: لأَنَّ تتوسّد العلمَ خير لك من أَن تتوسّد الجهل، أَي تحفظ العلم وتنام عليه وإن لم تعمل به؛ خيرٌ لك من أَن تنام على الجهل؛ لأَنَّ العلم يؤَمَّلُ لصاحبه وإن تَرَك العمل به في وقتٍ أَن يُنبَّه للعمل به في وقت آخر.
قال بعض العلماء: طلبنا العلم لغير الله فأَبى العلم إِلَاّ أَن يكون لله عزَ وجلّ. وأَنشد الفَرَّاءُ:
يا رُبّ سارٍ باتَ ما تَوَسَّدا ... إِلَاّ ذِراعَ العَنْسِ أَو كَفَّ اليَدا
أَي كان ذراع النّاقة بمنزلة الوِسادة، وموضع اليد خفض بإضافة الكفّ إليها،
وثبتت الأَلف فيها وهي مخفوضة لأَنَّها شبهت بالرّحا والفتى والعصا؛ وعلى هذا قالت جماعة من العرب: قام أَباك، وجلس أَخاك، فشبهوها بعصاك ورحاك، وما لا يتغير من المعتلة، هذا مذهب أَصحابنا.