نارٌ فأَخذت قربان هابيل، ولم تعرِض لقربان قابيل، وكانت علامةُ قبول القربان
نزولَ النار عليه، وأَخذِها إياه، فانصرف هابيل وقابيل، وقد أَضمر هابيل في نفسه الطاعةَ والرضا، وأَضمر قابيل في نفسه البلاءَ والخلاف، فقصد هابيلَ في غَنمه فقال: لِمَ تُقُبِّل قربانك ولم يُتقبَّلْ قُرباني؟ فقال له هابيل بعد أَن توعّده قابيل بالقتل: إنَّما يَتَقَبَّلُ الله منَ المُتَّقينَ، لَئِنْ بَسَطْتَ إليَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَني ما أَنا بِباسِطٍ يَدِيَ لأَقْتُلَكَ إنِّي أَخافُ الله رَبِّ العالَمين. فرماه قابيل بالحجارة حتى قتله، ثمَّ جَزِعَ بعد قتله إياه، وظهور عورته. ولم يَدْرِ ما يصنع به، فنظر إِلى غرابين: أَحدهما حيّ، والآخر ميت، والحيّ يَحْثي على الميت التراب، حتَّى واراه به، فقال قابيل: يا وَيْلَتَي أَعَجَزْتُ أَنْ أَكونَ مِثْلَ هذا الغُرابِ فَأُواريَ سَوْأَةَ أَخي، فحمل هابيلَ ميْتاً فأَلقاه في غَيْضة.
وقالَ آخرون: بل حَثَى التراب عليه على سبيل ما رأَى من فعل أَحَد الغرابين بصاحبه.