للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الكذابين، وسجرنا به التنور، وأخرجنا به خبزًا نضيجًا. وكان ينشد كثيرًا - شعر:

المالُ يذهب حلُّه وحرامُه ... طُرًّا ويبقى في غدٍ آثامُهُ

ليسَ التقيُّ بمتَّقٍ لإلَهِهِ ... حتى يطيبَ شرابُه وطعامُهُ

ويطيب ما يحوي وتكسب كفه ... ويكون في حسن الحديثِ كلامُهُ

نطقَ النبيُّ لنا به عن ربِّه ... فعلى النبيِّ صلاتُه وسلامُهُ

وقد ذكره الدارقطني فيمن روى عن الإمام الشافعي - رضي الله عنه -، وقد سبق في ترجمة الشافعي - رحمه الله - خبره معه، وما جرى بينه وبين الإمام أحمد في ذلك، وسمع أيضًا من عبد الله بن المبارك، وسفيان بن عيينة.

وكان يحيى يحج، فيذهب إلى مكة، ويرجع إلى المدينة، فلما كان آخر حجة حجَّها، خرج إلى المدينة، ورجع إلى المدينة، فأقام بها ثلاثة أيام، ثم خرج حتى أتى المنزل مع رفقائه، فباتوا، فرأى في النوم هاتفًا يهتف به: يا أبا زكريا! أترغبُ عن جواري؟! فلما أصبح، قال لرفقائه: امضوا؛ فإني راجع إلى المدينة، فمضوا، ورجع، وأقام بها ثلاثة أيام، ثم مات، فحُمل على أعواد النبي - صلى الله عليه وسلم -.

وكانت وفاته لسبع ليال من ذي القعدة سنة ٢٣٣، هكذا قاله الخطيب في "تاريخ بغداد"، وهو غلط قطعًا؛ لما تقدم ذكره.

وهو أنه خرج إلى مكة للحج، ثم رجع إلى المدينة، ومات بها، ومن يكون قد حج، كيف يتصور أن يموت بذي القعدة من تلك السنة؟ فلو ذكر أنه توفي في ذي الحجة، لأمكن، ويحتمل أن يكون هذا غلطًا من الناسخ.

قال ابن خلكان: لكني وجدته في نسختين على هذه الصورة، فيبعد أن يكون من الناسخ، والله أعلم، ثم ذكر بعد ذلك: أن الصحيح أنه مات قبل أن يحج، وعلى هذا يستقيم ما قاله من تاريخ الوفاة.

ثم نظرت في كتاب "الإرشاد في معرفة علماء الحديث"، تأليف أبي يعلى الخليل بن عبد الله بن أحمد بن إبراهيم بن الخليل الحافظ: أن يحيى بن معين

<<  <   >  >>