للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والخطب والرسائل، وتولى القضاء بدمشق، وكان والده أبو الحسن خرج إلى مكة حاجًا، وعاد إلى بغداد، وكان عالي الطبقة في سماع الحديث؛ سمع خلقًا كثيرًا، وحدث ببغداد مدة إقامته، وسمع عليه الناس، ولم يزل بها إلى أن توفي - رحمه الله - سنة ٥٩٨.

٨٨ - أبو بكر، وقيل: أبو عبد اللَّه، محمدُ بنُ إسحقَ بنِ يسارٍ المُطَّلبيُّ بالوَلاء، المدنيُّ، صاحبُ "المغازي والسير".

كان ثبتًا في الحديث عند أكثر العلماء، وأما في المغازي والسير، فلا تجهل إمامته، وذكره البخاري في "تاريخه". وقال سفيان بن عيينة: ما أدركتُ أحدًا يتهم ابنَ إسحق في حديث، وقال شعبة بن الحجاج: محمدُ بنُ إسحقَ أميرُ المؤمنين - يعني: في الحديث -، ويحكى عن الزهري: أنه خرج إلى قرية، فاتبعه طلاب الحديث، فقال لهم: أين أنتم من الغلام الأحول؟ أو: قد خلفتُ فيكم الغلام الأحول - يعني: محمد بن إسحق -.

وذكر الساجي: إن أصحاب الزهري كانوا يلجؤون إلى محمد بن إسحق فيما شكوا فيه من حديث الزهري ثقةً منهم بحفظه، وحكى عن يحيى بن معين، وأحمد بن حنبل، ويحيى بن سعيد القطان أنهم وثقوا محمد بن إسحق، واحتجوا بحديثه، وإنما لم يُخرج البخاري عنه، وقد وثقه؛ وكذلك مسلم بن الحجاج لم يخرج عنه إلا حديثًا واحدًا في الرجم؛ من أجل طعن مالك بن أنس فيه، وإنما طعن مالك فيه؛ لأنه بلغه عنه أنه قال: هاتوا حديث مالك! فأنا طبيب بعلله، فقال مالك: وما ابن إسحق؟ إنما هو دجال من الدجاجلة، نحن أخرجناه من المدينة - يشير، والله أعلم إلى أن الدجال لا يدخل المدينة.

وحكى الخطيب في "تاريخ بغداد": أن محمد بن إسحق رأى أنسَ بنَ مالك - رضي الله عنه -، وعليه عمامة سوداء، والصبيان خلفه يشتدون، ويقولون: هذا رجل من أصحاب رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - لا يموت حتى يلقى الدجال، توفي ببغداد سنة ١٥١ - رحمه الله تعالى -.

<<  <   >  >>