للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢٥٧ - يوسف بن عبد الرحمن بنِ محمدِ بنِ عليٍّ، القرشيُّ، التيميُّ، البكريُّ، البغداديُّ، الأصوليُّ، الواعظُ، الشهيدُ، محيي الدين، أبو محمد بن الشيخ جمال الدين أبي الفرج بن الجوزي - المتقدمِ ذكرُه - أستاذ دار الخلافة المستعصمية.

ولد في سنة ٥٨٠ ببغداد، وسمع بها من أبيه، وقرأ القرآن، ولبس الخرقة من الشيخ ضياء الدين بن سكينة، واشتغل بالفقه، والخلاف، والأصول، وبرع في ذلك، وكان أمهر فيه من أبيه، ووعظ في صغره على قاعدة أبيه، وعلى أمره، وعظم شأنه، وولي الولايات الجليلة، ثم انقطع في داره يعظ ويفتي ويدرس، وهو من العلماء الأفاضل، والكبراء الأماثل، أحد أعلام العلم، ومشاهير الفضل، ظهرت عليه آثار العناية الإلهية مذ كان طفلاً، فعني به والده، وأسمعه الحديث، ودربه من صغره في الوعظ، وبورك له في ذلك، وصار له قبول تام، وبانت عليه آثار السعادة. وتوفي والده وعمره إذ ذاك سبع عشرة سنة، وأنشأ مدرسة، ولم يزل كذلك إلى أن قتل صبرًا شهيدًا بسيف الكفار عند دخول هلاكو ملك التتار إلى بغداد، فقتل الخليفة المستعصم وأكثر أولاده، وقتل معه أعيان الدولة والأمراء، وشيخ الشيوخ، وأكابر العلماء، وقتل أستاذ الدار محيي الدين، وكان المستنصر له شباك على إيوان الحنابلة يسمع الدرس منهم - دون غيرهم -، وأثره باق، حدث ببغداد ومصر وغيرهما من البلاد.

قال الذهبي: كل أحد يعوز زيادة عقل، إلا محيي الدين بن الجوزي؛ فإنه يعوز نقص عقل؛ ويحكي في هذا عجائب، منها: أنه مر في سويقة باب البريد، والناس بين يديه، وهو راكب البغلة؛ فسقط حانوت، فضج الناس، وصاحوا، وسقطت خشبة فأصابت كفل بغلته، فلم يلتفت، ولا تغير عن هيئته. وحكى أنه كان يناظر ولا يحرك له جارحة، وكانت خاتمة سعادته الشهادة، روي عن الشيخ محمد بن سكران الزاهد: أنه قال: رأيت أستاذ الدار ابن الجوزي في النوم، فقلت: ما فعل الله بك؟ قال: كَفَّرت ذنوبَنا سيوفُهم. له تصانيف عدة، منها: "معادن الإبريز في تفسير الكتاب العزيز"، ومنها: "المذهب الأحمد في مذهب

<<  <   >  >>