وله مناقب جمة، منها: قيام الليل في معظم عمره، كان يقوم في وقت يعجز الشاب عن ملازمته، وهو جوف الليل، ومنها: التعصب في السنة، والمغالاة فيها، وقمع أهل البدعة، ومجانبتهم ومنابذتهم، ومنها: قول الحق، وإنكار المنكر على من كان، ولم يكن عنده من المداهنة والمراءاة شيء أصلاً، يقول الحق ويصدع به، حدَّث بجامع الترمذي وأشياء كثيرة. توفي سنة ٦٧٨، قال اليونيني: كانت جنازته حافلة مشهودة جدًا.
٢٧٠ - عبد الساتر بنِ عبد الحميد بنِ محمدٍ، المقدسيُّ.
سمع وتفقه ومهر في المذهب، وعُني بالسنة، وجمع منها، وناظر الخصوم وكفرهم، وكان صاحب حرقة وتحرق على الأشعرية، فرموه بالتجسيم. قال الذهبي: رأيت له مصنفات في الصفات، فلم أر به باسًا، وفيه شراسة أخلاق مع صلاح ودين يابس. توفي سنة ٦٧٩ عن نيف وسبعين سنة.
٢٧١ - عبد الرحمن بن محمد بنِ أحمدَ بنِ محمدِ بنِ قدامةَ، المقدسيُّ، الجماعيليُّ، الإمامُ، الزاهدُ، الخطيبُ، قاضي القضاة، شيخُ الإسلام.
ولد سنة ٥٩٧. سمع من أبيه وعمه موفقِ الدين، وجماعة، وأجاز له الصيدلاني، وابن الجوزي، وجماعة؛ ثم سمع بنفسه من أصحاب السلفي، وقرأ للناس على ابن الزبيدي وجماعة، وعني بالحديث. وعرض على عمه كتاب "المقنع (١) "، وشرح عليه، وأذن له في إقرائه. درَّس وأفتى، وأقرأ العلم زمانًا طويلاً، وانتفع به الناس، وانتهت إليه رئاسة العلم في زمانه، وكان معظمًا عند الخاص والعام، عظيمَ الهيبة عند الملوك.
(١) لعله حصل اشتباه في عبارة الكاتب، والصحيح - والله أعلم -: أن عبد الرحمن صاحب الترجمة المذكورة لم يؤلف "كتاب المقنع"، بل هو الذي شرحه، والصحيح أن مؤلف كتاب "المقنع" هو الإمام موفق الدين عبد الله بن أحمد بن قدامة، المتقدم ذكره في صفحة (٢٢٩) رقم (٢٣٨).