عظيمة، وفيهم رؤساء كبار ناصروا الأئمة، ولا سيما في حروب الأتراك؛ فإن لهم في ذلك اليد البيضاء، وقد اشتهر جماعة من أهل المحل المذكور - أعني: هجرة شوكان - بالعلم والفضل، فمنهم: العلامة الحسين بن علي الشوكاني، وأحمد بن سعيد الهبل، ومحمد بن أحمد الهبل - عم أم شيخنا الشوكاني -، ومنهم: حسن بن صالح الشوكاني، ومنهم: والد الإمام الشوكاني المترجَم له، برع في علم الفقه والفرائض، وكان بقيةَ السلف في التفسير والحديث، ودرَّس وأفتى، وولاه الإمامُ المهدي العباسُ بن الحسين القضاءَ بالجهات الخولانية - خولان صنعاء -، ثم اعتذر عنه، فولاه القضاء بصنعاء، قال في "البدر الطالع": ولقد كان - تغشاه الله برحمته ورضوانه - من عجائب الزمن، ومَنْ عرفه حقَّ المعرفة، تيقن أنه من أولياء الله.
ولقد بلغ بي إلى حد من البر والشفقة والإعانة على طلب العلم وقيام بما احتاج إليه مبلغًا عظيمًا؛ بحيث لم يكن لي شغلة بغير الطلب، فجزاه الله خيرًا، وكافاه بالحسنى، وهو في آخر أيامه قرأ علي في "صحيح البخاري"، ولم يزل مستمرًا على حاله الجميل، معرضًا عن القال والقيل، ماشيًا على أهدى سبيل حتى توفاه الله سنة ١٢١١.
ولم يباشر شيئًا مما يتعلق بالقضاء قبل موته بنحو سنتين، بل تجرد للاشتغال بالطاعة، والمواظبة على الجُمَع والجماعة، ولم يكن له التفات إلى غير أعمال الآخرة - رح -. وترك ولدين: أكبرهما محمد، وهو جامع هذا الكتاب، ويحيى، وهو الآن مشتغل بقراءة علوم الاجتهاد، وقد انتفع في أنواع منها، مع كمال اشتغاله بعلم الفروع، انتهى.
٤٤٩ - علي بن محمد بنِ عليِّ الشوكاني - ولدُ شيخنا العلامة الشوكاني.
ولد يوم عاشوراء من محرم سنة ١٢١٧، وتلمذ على القاضي عبد الله العنسي، ويحيى الرومي، وأحمد الكبسي، وعلي الطفري، قال في "البدر الطالع": هو حسن الفهم، جيد التصور، قوي الإدراك، وهو الآن في حال الطلب في علوم الاجتهاد، مع عناية تامة، وحرص كامل، وله سماع في الكتب