للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ما دخل فيه، ثم صار يسأل الله - عز وجل - الشهادة، ويتعرض لأسبابها، وكان ليس به بأس، فنام ليلة في عافية، فلما كان وقت السحر، قاء، فحضر طبيب كان يخدمه، فسقاه شيئًا، فيقال: إنه سَمَّه، فمات، وسُقي الطبيبُ بعده بنحو ستة أشهر سُمّاً، فكان يقول: كما سَقَيت سُقيت، فمات سنة ٥٦٠. ومن إنشاده:

وكَمْ شامِتِ بي بعدَ موتي جاهل ... بظلم يسلُّ السيفَ بعدَ وفاتي

ولو علمَ المسكينُ ماذا ينالُه ... من الضُّرَّ بعدي ماتَ قبل مماتي

قال ابن زفر: رأيت بالمنام - وأنا بأرض جزيرة ابن عمر - كأن جماعة من الملائكة يقولون لي: قد مات في هذه الليلة ببغداد وليٌّ من الأولياء، فاستيقظت منزعجًا، وحدثت بالمنام الجماعة الذين كانوا معي وأرَّخنا تلك الليلة، فلما قدمت بغداد، سألت: من مات في تلك الليلة؟ فقيل لي: مات بها الوزير عونُ الدين بنُ هبيرة.

قال مصنف السيرة: ولو استقصيت ما ذكر له من المنامات الصالحة، لجاءت بمفردها كتابًا ضخمًا. وقد أطال ابن رجب في ترجمته الشريفة إلى أوراق، وختمها بذكر حديث أنس، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يزدادُ الأمرُ إلا شدة، ولا يزداد الناسُ إلا شُحّاً، ولا تقوم الساعة إلا على شِرار الناس"، رواه بسنده، وقال: وفي هذا الإسناد سلسلة عجيبة بالحفاظ والملوك.

٢٠٢ - سعد الله بن نصر بنِ سعيدٍ المعروفِ بابن الدجاجي، وبابن الحيواني، الفقيهُ، الواعظُ، المقرىء، الصوفي، الأديب، أبو الحسن، ويلقب: مهذب الدين.

ولد سنة ٤٨٢. روى عن ابن عقيل كتاب "الإنتصار لأهل السنة والحديث".

قال ابن الجوزي: تفقه وناظر ودرس ووعظ، وكان لطيف الكلام، حلو الإيراد، ملازمًا لمطالعة العلم إلى أن مات. وقال ابن نقطة: شيخ فاضل، صحيح السماع، حدَّث، وحدَّث عنه جماعة من شيوخنا، وقال صدقة في "تاريخه": كان من أصحاب أبي بكر الدينوري، وكان يعظ ويقرىء القرآن ويسمع الحديث، أثنى عليه ابن النجار، وابن قدامة، قال ابن الجوزي: وسئل

<<  <   >  >>