انتهى عقلُك، أما علمت أن العلماء يُحشرون مع الأنبياء، وأن القضاة يُحشرون مع السلاطين؟!
وكان عالمًا صالحًا، خائفًا لله تعالى، وسبب موته: أنه قرىء عليه كتاب "الأهوال" من جامعه، فأخذه شيء كالغشي، فحُمل إلى داره، فلم يزل كذلك إلى أن قضى نحبه.
٣٨ - أَبو عبد الرحمن، عبد الله بن لهيعة بن عقبة الحضرمي، الغافقيُّ، المصريُّ.
كان مكثرًا من الحديث والأخبار والرواية.
قال محمد بن سعد في حقه: إنه كان ضعيفًا، ومن سمعَ منه في أول أمره أقربُ حالًا ممَّن سمع منه في آخر عمره، وكان يقرأ عليه ما ليس من حديثه، فيسكت، فقيل له في ذلك، فقال: ما ذنبي؟ إنما يجيئوني بكتاب يقرؤونه عليّ، ويقومون، ولو سألوني، لأخبرتهم أنه ليس من حديثي.
توفي بمصر سنة ١٧٤، وعمره إحدى وثمانون سنة - رحمه الله تعالى -.
وكان أَبو جعفر المنصور ولاَّه القضاء بمصر، وهو أول قاضٍ ولي بمصر من قبل الخليفة، ثم صُرف عن القضاء، وهو أول قاضٍ حضر لنظر الهلال في شهر رمضان، واستمر القضاة عليه إلى الآن.
٣٩ - أَبو عبد الرحمن، عبدُ الله بنُ مسلمةَ بنِ قعنبٍ الحارثيُّ، المعروفُ بالقعنبي.
كان من أهل المدينة، وأخذ العلم والحديث عن الإمام مالك، وهو من جلة أصحابه وفضلائهم وثقاتهم وخيارهم، وهو أحد رواة "الموطأ" عنه، فإن "الموطأ" رواه عن مالك جماعةٌ، وبين الروايات اختلافٌ، وأكملها رواية يحيى بن يحيى كما سيأتي.
وكان يسمى: الراهب؛ لعبادته وفضله، قال الهيثم: كنا إذا أتينا عبدَ الله بنَ مسلمة، خرج إلينا كأنه مشرفٌ على جهنم - نعوذ بالله منها -، وكان يسكن البصرة.