للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أهلها كما فعل في كربلاء، واستباح أموالهم، ولم ينج أحد منهم، وفيها استولى على "قنفذة"، وهي على سبعة أيام من جدة إلى جنوب منها.

وفي سنة ١٨٠٤ أرسل عبد العزيز جيشًا من الوهابية قدم عليه ابنه سعود؛ ليغزو "مكة"، فسار حتى وطئها، ونزل عليها، وقعد على حصارها ثلاثة أشهر، ولم يكن فيها من الرجال عدد يدفعه عنها، وضاقت المسالك على أهل مكة، ونفد الزاد والميرة، فعمدوا إلى التسليم، فنجا غالبٌ الشريف، ولحق بجدة، ودخل سعود بن عبد العزيز مكة (١) في نيسان أو أيار - من السنة المذكورة -، فرعى ذِمةَ أهلها، وحرمةَ المقام، وقال (٢) بعضهم: بل قتل حَاميتها وأشرافَها، وجرد الكعبة من متاعها، وألزمَ أهلَها الدخول في الدعوة الوهابية، ثم زحف إلى جدة، وأقام على حصارها أحد عشر يومًا، فتعذر عليه فتحها، فبذل له غالب الشريف الأموال، فرفع عنها الحصار.

وفي هذه الأثناء قُضي على عبد العزيز؛ فإنه مات قتيلاً في منتصف السنة المذكورة سنة ١٢١٨ الهجرية، [الموافق ١٨٠٣ م]، وذلك أنه وثب عليه - وهو يصلي في المسجد - رجل شيعي فارسي من جيلان اسمه (٣) عبد القادر، وعاجله بضربة بين كتفيه ألقاه بها على الأرض يخبط بدمه، فاضطرب لذلك الحاضرون، وألقوا القبض على القاتل، وبادروه بأسنتهم، فنهشت جسمه، أما سبب قتله، فهو: أن ملك فارس نقم على ابن سعود؛ لتمليصه بلاد القطيف وجزائر البحرين من ولايته وتخريبه مشهد الحسين - رضي الله عنه -، ولما لم يكن له طاقة في محاربته، والتوصُّل إليه، عمد إلى الإيقاع به بالحيلة، فأنفذ إليه عبد القادر المذكور، فأتى الدرعيةَ، وتظاهر بالتديُّن والعبادة، ولازمَ العبادةَ والمساجد حتى


(١) كان دخوله بمكة في محرم (١٢١٨ هـ ١٨٠٣ م).
(٢) لم يصح ما قيل من هذه الأخبار، بل هي دعاية سياسية من قبل الدول التي كانت تخاف من ازدياد قوة آل سعود.
(٣) ابن بشر ذكر اسمه: عثمان، وهو من قرية العمارية من قرى موصل.

<<  <   >  >>