والشارب، سماه أهل الدرعية بأبي الشوارب، ولد له من امرأته الأولى ثمانية بنين، ومن الثانية ثلاثة.
ولما توفي والده عبد العزيز، كان سعود هذا في الحجاز مشتغلاً بمحاربة غالبٍ الشريف، فضيق عليه المسالك، وألزمه التسليم، وكان غالبٌ قد عاد إلى مكة على حين غفلة، وقد حدثته نفسه أن يستأثر بها على رغم من الوهابية، فأحسن سعود معاملته، وقربه منه، ثم غزا بني حرب، وأثخن في بلادهم، ونزل على بلد ينبع، فسلمت له، ثم قصد المدينة المنورة، ونازلها أيامًا، فدخلها، وألزم أهلها الجزية، وجرَّد ضريح النبي - صلى الله عليه وسلم - مما في خزائنه وذخائره، ونقلها إلى الدرعية، قيل: بلغت مقدار ستين وقر جمل، هكذا فعل أيضًا بضريحي أبي بكر وعمر - رضي الله عنهما -.
وعقد على المدينة لمزين شيخ بني حرب، وألزم أهلَها الدخول في الدعوة الوهابية، وهمّ سعود بتخريب قبة الضريح النبوي، ولم يفعل، وأمر ألا يحج إلى البيت إلا من كان وهابيًا، وشدَّد بمنع العثمانيين من دخولها، فانقطع الحج بضعة سنين، وتوقف حجاج الشام والعجم عن إتمام فريضتهم؛ مخافةَ إضرار الوهابية بهم (١).
وفي أواخر سنة ١٨٠٤ أنفذ سعود أبا نقطة شيخَ العسيريين برجالته إلى بلاد صنعاء اليمن، فعاثوا في خلال ديارها، واستباحوا مدينتي "لحيا"، و"حديدة"، ثم عادوا إلى بلادهم، فالتزم حمود - صاحب صنعاء - الدخولَ في الدعوة الوهابية؛ ليأمن شرهم، ودانت لسعود بلاد الحجاز، فنفذ أمره فيها، وانبسطت سطوته على جميع بلاد العرب، إلا حضرموتَ وقسمًا من اليمن، فاتسع نطاق ولايته، وامتدت أرجاؤها.
ثم أنفذ سعود رجالته غيرَ مرة إلى البصرة وما بين النهرين، فأثخنوا في
(١) هذه الأخبار بعيدة عن الصحة، وليست هي إلا من دعابة الأعداء، الّتي أذيعت ضد الموحدين؛ كي ينفر منهم الناس.