الاجتهادية كما ينبغي، ونظرت في علوم الكتاب والسنة حقَّ النظر، كنت ظاهريًا؛ أي: عاملاً بظاهر الشرع، منسوبًا إليه، لا إلى داود الظاهري، فإن نسبتك ونسبته إلى الظاهر متفقة، وهذه النسبة هي مساوية النسبة إلى الإيمان والإسلام، وإلى خاتم الرسل - عليه أفضل الصلاة والتسليم -، وإلى مذهب الظاهر بالمعنى الذي أشار إليه ابنُ حزم، بقوله:
وما أَنا إلا ظاهِرِيٌّ وإِنَّني ... على ما بَدا حتى يقومَ دليلُ
انتهى.
قال الصلاح الكتبي: الشيخ الإمام الحافظ العلامة، فريد العصر، وشيخ الزمان، وإمام النحاة، أثيرُ الدين أبو حيان، قرأ القرآن بالروايات، وسمع الحديث ببلاد الأندلس، وجزيرة إفريقية، وثغر الإسكندرية وبلاد مصر والحجاز، وحصل الإجازات من الشام، وغير ذلك، وطلب وحصل، وكتب واجتهد، وله أشعار رائقة، وأبيات فائقة، أورد جملة منها في "الفوات". وكذا ذكر المَقَّري في "نفح الطيب" نبذة من أشعاره الرائقة، وقد مدحه كثير من الشعراء والكبار الفضلاء، وذكر أشعارهم في مدائحه.
وقال: الإمامُ العلامة، لسانُ العرب، وترجمان الأدب، وجامعُ الفضائل، عمدة وسائل السائل، حجة المقلدين، زين المجتهدين، أفضل الآخرين، وارث علوم الأولين، وكان سبب انحرافه عن شيخ الإسلام ابن تيمية: أنه قال يومًا عنده: كذا قال سيبويه، فقال شيخ الإسلام: يكذب سيبويه، واعترض عليه في غير موضع.
وإلا، فأبو حيان هو الذي أنشأ في المجلس ارتجالاً في مدح شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى رحمة واسعة -:
لما أتينا تقيَّ الدين لاح لنا ... داعٍ إلى الله فردٌ ما له وَزَرُ
على مُحَيَّاه من سيما الألى صحبوا ... خيرَ البريةِ نورٌ دونه القمرُ
حِبْرٌ تسربلَ منه دهرُه حِبَرًا ... بحرٌ تقاذفُ من أمواجه الدُّرَرُ
قامَ ابن تَيْمِيَّةٍ في نَصرِ شِرْعَتنا ... مَقامَ سيدِ تَيْمٍ إذ عَصَتْ مُضَرُ