قلت: ولم ذلك؟! فالفائدة تحصل بالعزو إلى واحد ما لم يكن لغيره مزية أو يكون عند جمع من طرق متعددة، والغرض إثبات شهرة الحديث أو تواتره أو صحته وإلا فكلام الشارح لا أصل له، ثم إن بشر بن السري ليس هو في سند كل من خرجه، فقد أخرجه ابن أبي داود في المصاحف من غير طريقه قال: حدثنا محمود بن آدم ثنا الفضل بن موسى عن مصعب بن ثابت عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مرفوعًا: "إن اللَّه يحب إذا عمل العبد عملًا أن يحكمه".
قال في الكبير: ظاهر صنيع المصنف أنه لم يره لأشهر ولا أحق بالعزو منه إليه، وهو عجيب فقد رواه أبو يعلي والديلمي من حديث أنس باللفظ المزبور.
قلت: وأعجب منه بلادة الشارح فحديث أنس أوله: "الدال على الخير كفاعله، واللَّه يحب إغاثة اللهفان"، وقد ذكره المصنف في حرف "الدال" فهذا هو العجيب لا عدم ذكر المصنف لأبي يعلى في حديث لم يخرجه بلفظه، نعم أخرجه الطبراني في مكارم الأخلاق من حديث أنس باللفظ المذكور هنا، قال الطبراني:
حدثنا محمد بن عبد اللَّه الحضرمي ثنا محمد بن أبي بكر المقدمي ثنا دسكر بن أبي دسكر البرجمي عن زياد بن ميمون عن أنس مرفوعًا:"إن اللَّه عز وجل يحب إغاثة اللهفان".
ورواه من حديث أبي هريرة باللفظ المذكور هنا ابن حبان في الضعفاء في ترجمة حمد بن يونس الكديمي، فقال: حدثنا محمد بن يحيى ثنا الكديمي عن أزهر السمان عن ابن عون عن محمد عن أبي هريرة مرفوعًا إلى اللَّه وذكره.